الأحد، 24 مايو 2015

اسم الله #القريب:"💘 علي الفيفي .

الذي يراك حين تقوم
في الوقت الذي يريدك أن تعلم أنّه على العرش استوى .. يريدك أن تتيقّن أنّه أقرب إليك من حبل الوريد ..
يسمع كلماتك .. ويرى أفعالك .. ولا تخفى عليه منك خافية ..
يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا بصحابته الكرام رافعي أصواتهم يدعون الله .. فيقول : " أربعوا على أنفسكم .. إنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا .. إنّما تدعون سميعاً بصيراً قريبا " .
بمجرّد أن ينتهي العبد من الدعاء إذ بالإجابة تلوح .. لأنّه قريب بدرجة لا يتصوّرها عقلك ..
تضيع دابّة أحدهم فيمشي مبهوتاً فيراه إبراهيم بن أدهم فيسأله فيقول : ضاعت دابّتي .. فيقف إبراهيم ويقول : يالله .. لن أمشي خطوة حتى تعيد لهذا دابّته .. فإذا بها تظهر من منحنى الطريق ..
أحدهم يدخل المسجد وما زال أثر ماء الوضوء في أذنيه فيتّجه إلى الصف الأول مقابل جهاز التكييف مما يجعل الهواء البارد يدخل إلى أذنيه على أثر الماء .. بعد ساعة يشعر ببداية ألم في أذنه .. لم يفتح شفتيه وإنما قال بقلبه : يالله .. كان ذلك من أجلك .. يالله لم أصل في الصف الأول إلا لأنّك تحب ذلك .. فإذا بالألم يرتفع هكذا بدون مقدّمات وبلا تدرّج !
وأقرب ما تكون إليه وأنت ساجد .. تتمتم بـ سبحان ربي الأعلى .. فإذا بالسماوات تنصت إليك .. وإذا بالجبار يسمعك ..
لا تتوهم أنّه بعيد .. أو أنّه تخفى عليه منك خافية ..
يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل .. ويذهب ليطرق باب أبي بن كعب .. فيخرج أُبي .. فإذا برسول الله يخبره : أمرني الله أن أقرأ عليك سورة الفاتحة .. يقول أُبيّ بذهول : وسمّاني ؟ فيقول نعم .. فيبكي أُبيّ ..
قريب من جميع خلقه .. يراهم ويحميهم  ..
كيف يكون قيّوما على خلقه لو لم يكن قريبا منهم ؟
كيف يكون ربّا .. إلا وهو قريب .. 
يقول عليه الصلاة والسلام عنه سبحانه إنه " أقرب إلى أحدكم من شراك نعله " .. ويقول عن نفسه : " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " .. 
وهذا دليل على القرب المتناهي .. قرب علم وقرب سمع وقرب بصر وقرب إحاطة .. لا قرب ذات .. لأنّ ذاته العليّة منزّهة عن مثل هذا القرب ..
ومن قربه أنّه ينزل كما صحّ عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا فيقول : هل من سائل فأعطيه ، هل من مستغفر فأغفر له .."
ومن قربه أنّه : يسمع دبيب النملة السوداء على الصفاة الصمّاء في الليلة الظلماء ..
يقول تعالى : " ما تسقط من ورقة إلا يعلمها "
تخيّل عدد الأشجار .. ثم عدد أوراقها .. تخيّلها وهي تتناثر في فصل الخريف .. كلّها يعلمها : يعلم عددها وأشكالها وأنواعها وكل شيء يخصّها ..
يقول الشاعر وهو يصف القرب المتناهي وعلمه سبحانه البالغ الدقة :
يا من يرى مدّ البعوض جناحها    في ظلمة الليل البهيم الأليــــــلِ
ويرى مناط عروقها في نحرها    والمخ من تلك العظام النُحّــــــــــــــلِ
ويرى خرير الدم في أوداجها    متنقلا من مفصل في مفصــــــــــــــلِ
ويرى مكان الوطء من أقدامها     في سيرها وحثيثها المستعجلِ
امنن عليّ بتوبة تمحو بها     ما كان منّي في الزمــــــــــــــــــــــــــان الأوّلِ
قريب .. 
تأتي امرأة تجادل في زوجها .. وعائشة رضي الله عنها في طرف البيت تقول إنها تسمع كلمة وتغيب عنها كلمة .. وبعد ذلك الجدل ينزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم أن " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير"
مدّ يدك الآن .. أمددتها ؟ .. لقد رآها ! .. يجب أن تؤمن بذلك ..
قال لي صديقي مرّة اكتب لي في هذه الورقة كلمة لأقرأها وأنا عائد إلى البيت .. فكتبت له : إنّه يراك الآن .. أخبرني فيما بعد أنّه فُجع بها ..
قربه يخيفك .. يجب أن يخيفك
وقربه يؤنسك .. يجب أن يؤنسك ..
وقربه يدفئك .. يجب أن يدفئك ..
وقربه يجعلك شجاعاً شامخاً بطلاً ..
اسمع إليه وهو يهدّئ من روع موسى عليه السلام عندما أعلن خوفه من الذهاب إلى فرعون فقال له : " إنّي معكما أسمع وأرى" هذا يكفي .. كوني معكما أكبر حماية لكما ..
لأني معكما يجب ألا تخافا من فرعون .. يجب أن تكونا شجاعين بطلين شامخين ..
ومما قُرر في كتب العقيدة أن له معيّتين : معيّة خاصة بأهل ولايته ، وهي معيّة محبّة ونصرة وتوفيق ...، ومعيّة عامّة لجميع خلقه .. وهي معيّة علم وسمع وبصر وإحاطة ..
ومن أجلّ الآيات وأكثرها أنساً في هذا الباب قول الحق : " الذي يراك حين تقوم * وتقلبّك في الساجدين" ..
حين تقوم .. يراك .. في تلك اللحظة السوداء المظلمة التي لا يعلم أحد فيها عنك شيئا ، يبصرك لحظة بلحظة .. 
إذا صفعتك المخاوف فتذكر قربه ..
وإذا التأمت حولك الخطوب فشتتها بفكرة أنّه أقرب إليك من حبل الوريد ..
مما يذكر أن أحدهم كان مسافراً في الصحراء فإذا بقاطع طريق حاملا سيفه يريد قتله .. قال له : خذ مالي .. فقال : لا .. أريد أن أقتلك ثم آخذ مالك ..
فاستأذنه بركعتين فأذن له : قال نسيت كل القرآن ولم أذكر إلا : " أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " رددتها وما أنهيت الصلاة إلا وفارس لا أدري من أين ظهر يضرب ذلك الرجل ضربة بسيفه يطير منها رأسه !
إنّه القريب .. فقط حرّك شفتيك بذكره .. تتفتّح أبواب السماوات لصوتك ..
كان يونس عليه السلام في بطن الحوت ينادي " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" .. فكان الصوت الضعيف المنطلق من الظلمات الثلاث يخترق أجواز الفضاء لتسمعه ملائكة السماوات فيقولون للرب سبحانه : " صوت معروف .. من مكان غير معروف !!" ..
يقول في الحديث القدسي : " من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي .. ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " لأنّه قريب.. فقط قل يا الله .. يكون الرد بأن يذكر اسمك ..
ما أجلّ أن تتخيّل أن ملك الملوك هذه اللحظة يقول اسمك ! يقول : عبدي فلان بن فلان ذكرني ..
الدنيا كلّها تافهة .. لا تساوي مثل هذا التخيّل .. 
وقربه هذا يزيد .. فبالتوبة والإنابة والطاعات تزيد قربا منه يقول في الحديث القدسي : " إذا تقرّب مني شبرا تقرّبت منه ذراعا .. وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا " .. 
فكل محاولة اقتراب منك إليه بالطاعة يعقبها اقتراب منه إليك بالأفضال والنعم والعطايا والهبات ..
ومن معاني قربه أنّه يريك في كل شيء من حولك معنى يذكّرك به ..
فترى حكمته في دقّة تركيب مخلوقاته ..
وترى قدرته في رفع سماواته بلا عمد ..
وترى رحمته في إنزال المطر وإنبات الشجر ..
وترى عظمته في شموخ الجبال ..
وترى عذابه في البراكين والزلازل والكوارث ..
إلهي ..رايتك
إلهي سمعتك
رأيتك في كل شي ..
سمعتك في كل حي ..
تعاليت لم يبد شيء لعيني
تباركت لم ينب صوت بأذني
ولكن طيفاً بقلبي يهل
ومن طيفه كل نور يطلّ
***
يقول تعالى : " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق"
إذا أبصرت شيئا بعينيك فبصرك يذكرك بالبصير سبحانه
وإذا سمعت همسا في دجى الليالي فسمعك يذكرك بالسميع سبحانه
وإذا علمت شيئا من خفي العلم فعلمك يذكرك بالعليم سبحانه ..
وفي كل شيء له آية               تدلّ على أنّه الواحد
قريب لا تحتاج حتى تصل إليه إلاّ أن يخطر ببالك .. أن تشعر بقربه .. أن تحسّ بأنّه يراك .. ثم تقول : يالله ..
" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب "
أي شخص يسألك عن الله فأوّل شيء تصف ربّك به هو أنّه قريب منه ! النفوس مفطورة على عدم استعدادها لعبادة رب بعيد .. لا يسمع دعاءها .. ولا يرى حاجاتها .. فمن أهم الصفات التي تبتدر بها الذي يريد التعرّف على الله أن تخبره أن ربّه " قريب" .. هكذا علّمك سبحانه أن تخبر عنه !
وهذا القرب علاوة على أنه يجعلك تحبّه ، وتأنس به ، وتخشاه .. إلا أنه فوق ذلك يجعلك تدمن على استغفاره والتوبة إليه .. فالقريب : من جهة يستحق أن يُستغفر ويتاب إليه لأنّه بقربه اطلع على كل غدراتك وفجراتك .. ومن جهة أخرى فهو قريب قرباً يجعل استغفارك وتوبتك ناجعة ، فلن يغفر لك إلا من سمع استغفارك ولن يتوب عليك إلا من علم توبتك  .. فهو القريب المجيب .. وبعد هذا تأمل قوله سبحانه : "فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب "
ومن نوادك التعابير التي تصيبك بالحياء من القريب سبحانه قول أحدهم : " ألا يستحق أن تحبّه ؟ : في اللحظة التي تغلق الباب على نفسك لتعصيه .. يدخل لك الأكسجين من تحت الباب لتتنفس "
وهذا القرب يقابله محاولة تقرّب من العبد إليه سبحانه : "أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب " .. إنّه مضمار المسارعة ، والمسابقة .. والتي لا يكون قصارى رغبة العبد منه أن يكون قريباً بل أن يكون الأقرب !
الله قريب من غزّة
وفي أجواء المحن  التي تعيشها الأمة ، ومن بين أدخنة الحروب المهلكة التي تمسّ أفئدة المؤمنين في غزّة وغير غزّة باللأواء ، يحتاج المؤمن هناك إلى ثلاث مستويات معرفية متعلّقة باسم القريب :
الأولى : معرفة قربه سبحانه إيماناً ويقيناً .. ليريح نفسه من عناء الصراخ والاستنجاد بالبشر .. فرب البشر قريب شهيد مطّلع .. فيجد في القرآن آية تقول له بكل وضوح : " إنه سميع قريب " .. فيلقي عند أعتابها حرقات روحه المكلومة .. وكل ما سبق في المقالة يصب في خانة هذا المستوى المهم ..
الثانية : ومن بين لهيب القهر ، ورؤية تفاصيل الشتات ، وتهدّم البيوت ، وموت الأنفس ، وهلاك الثمرات .. يريد رحمة .. يبحث عن رحمة .. يتمنى رحمة تنهي عذابات خذلان الإخوة .. وطعنات الغدر المتوالية ..فيقف عند قول الحق سبحانه :" إن رحمة الله قريب من المحسنين " .. يالله .. إذن ليس بين ذلك المجاهد المغوار الذي نذر روحه للجبار إلا ستار شفيف تلوح من خلفه مخايل الإحسان .. فقط يحتاج أن يجاهد في الأرض بطريقة ملائكية يشعر فيها أنّه يرى الله ! فإن لم يكن يرى الله فإن الله يراه .. فلا يطلق رصاصة إلا ولديه جواب عن لماذا وكيف ومتى أطلقها ! ولا يزال العبد ينتقل من إحسان إلى إحسان .. وتكون في المقابل رحمة الله أقرب إليه من غيره .. حتى تغشاه الرحمة من كل مكان .. تنتزعه من أدخنة الموت إلى سحائب الرضا ..
الثالثة : وتطول الأيام .. وتتوالى الزفرات .. وتشتد البلاءات .. ويُحكم الحصار من كل مكان .. وعند ذلك تطلّ روح المجاهد على آية ثالثة يقول فيها الحق : "ألا إن نصر الله قريب" ..
فكما أنّه قريب سبحانه من عباده .. وكما أن رحمته أيضاً قريبة من المحسنين منهم .. يأتي النصر القريب من جند الله .. " وإن جندنا لهم الغالبون " ..فيربط الله بذلك على قلوب أضناها الانتظار .. وأرهقها الاصطبار .. 
وبعد هذه السياحة التفكرية في اسم الله القريب .. أسأل الله أن يجعلنا ممن يستحضر قربه .. ويعمل وفق ما يمليه هذا الاسم الأعظم من معاني الذل والإخبات والمراقبة والخشية .. وطلب الرحمة والنصرة منه وحده ..
هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
 
 
علي جابر الفيفي

الأربعاء، 13 مايو 2015

اسم الله (الشكور) #إخاءٌ_سماوي :"💘

السلام عليكم وَرحمة الله وَبركاتـه 💙



عن النُعمان بن بشيـر -رضي الله عنه- قال : قال النبي -صلى الله عليهِ وسلم- : ( التحدث بنعمة الله شكر، وَتركها كفر، وَمن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، والجماعة بركة، والفرقة عذاب) 

إنك إنْ أحببت دوام نعمةٍ وبقاءها فعليك بكثرةِ الشكر والحمد عليها.. كُن عبداً شكوراً 🌸




لقاءنـا يتجدد الليلة بحول الله مع اسمَي الله (الشكور _ الشاكر) كنَّ بالقرب 💭







تباركَ من شُكرُ الورى عنه يَقصُرُ
لكونِ أيادي جودهِ ليس تُحصَرُ..

وَشاكرها يحتاجُ شكراً لـشكرها؛
كذلك شكُرُ الشكرِ يحتاج يُشكَرُ

ففي كل شكرٍ نعمةٌ بعدَ نعمـةٍ..
بغيرِ تناءٍ دونها الشكر يصغرُ

فمن رامَ يقضي حقَّ واجبِ شُكرها
تحمّل ضمن الشكرِ ماهو أكبرُ.



سلامُ الله عليكم وَرحمتـه وَبركاته.. نستهل حديثنا بـ "الشاكر، الشكور" 
بـه نستعين وَعليـه التُكلان 💙💭








وقفة مع الآيات 💗 :
قبل الشروع في مدارسة اسم الله "الشاكر، الشكور"

نتوقف مع هذه الآيات وقفة تدبر.
فورود التزييل بهذه الأسماء لابد أن يكون موظفاً في خدمة الهدف الذي أتت السورة لإيضاحه، وهذا ما سنقف عنده. 
فكل سورة في القرآن لها مقصد عام تتوافق آياتها معه؛ ودائما خواتيم الآيات تخدم هذا المقصد وتغذيه. 
🔸 فمثلا إذا توقفنا مع الآية الأولى : { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } نجد تناسب اسم الله تعالى الشكور مع الآية.
فالله سبحانه وتعالى من نعمة على عباده أنهم إذا أحسنوا بحسنة وفّاهم أجرهم وأعطاهم ثوابهم بل زادهم من فضله.
ولكن السؤال هنا.. "لم قرن اسم الله الشكور باسمه الغفور؟" لم لم يقل إنه شكور حميد مثلا؟! 
فإذا تدبرت ستجد أنه ما من عمل إلا وفيه وجه نقصان فيجبر ذلك مغفرة الله للعبد وتجاوزه عن هذا النقص وشكره للقليل. فكأن الآية تلفت النظر إلى نقصان العمل مهما تم وكمل في ظاهره ونعمة الله بالمغفرة ومقابلة الإحسان على نقصانه بالشكر. 

🔸الآية الثانية : {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }وهنا نتوقف مع لفظ ( يقترف )..فلمَ لمْ يقل ( ومن يأت بحسنة )؟
لأن لفظ يقترف على وزن يفتعل، فتشعرك بالكلفة والمعاناة في إتيان الفعل.. دلالة على المجاهدة في فعل الحسنة لذا قال (إن الله غفور شكور) يغفر للعبد تقصيره الذي صعب عليه دفع نفسه للطاعة، ويشكر له مجاهدته تلك النفس في فعل الطاعة.

🔸 الآية الثالثة: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}
هذا الرجل سيتصدق بصدقة عن طيب نفس، فيجزيه الله أن يضاعف له الأجر ويجعل صدقته كفارة لذنبه فيغفر له ذنوبه القديمة.
يقول: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}
ما الذي جاء بحليم هنا؟
لأنه مهما أتى العبد من عمل يجب أن يستحقره في جنب عظمة الله.







ورد اسم الله تعالى الشكور في أربع مواضع 🌿:

١- قوله تعالى: { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ }
٢- وقوله تعالى: { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }
٣- وقوله تعالى: {  وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }
ولاحظ اقتران اسم الله تعالى الشكور باسمه الغفور في هذه المواضع، فلهذا أسراره لا شك.
٤- ورد اسمه تعالى الشكور مقترناً باسمه الحليم في قوله تعالى: { إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ }



ورودُ اسم ( الشاكر ) في القرآن في موضعين 🌿 :

١- الموضع الأول قوله تعالى: ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )
٢- الموضع الثاني: ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا )
🔸لم يرد هذا الاسم في السنة المطهرة.

وَاسم ( الشاكر ) علَمٌ متضمِّن لصفات الكمال: وهذا الاسم يفيد المدح والثناء، مراداً به العلمية، دالاً على كمال الوصفية.








وَيقول ابن القيم رحمه الله في المدارج : "الشكر أصله في وضع اللسان ظهور أثر الغذاء في أبدان الحيوان ظهوراً بيناً"
فالعرب كانت تقول : شكرت الدابة؛ إذا ظهر عليها أثر العلف..
فهذا هو أصل الكلمة؛ أن يظهر أثر الغذاء في أبدان الحيوانات ظهوراً بيناً، فإذا ظهر عليها أثر العلف سُميت دابة شكور.

🔹وقالوا الشكر في الإصطلاح : هو ظهور أثر نعمة الله على لسان العبد ثناءاً وإعترافا، وعلى قلبه شهوداً ومحبة، وعلى جوارحه إنقياداً وطاعة.

أولاً : على لسانه إعترافاً وثناءاً, أنه يعترف بها ويثني على الله تعالى, ويتحدث بها في خاصة أمره بينه وبين نفسه وبينه وبين الناس {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}

ثانياً: وعلى قلبه شهوداً؛ عندما تستشعر أن هذه العطايا من ربك هي منن تنزل عليك { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } يبعثك هذا إلى أن تحبه لأنه يسدي إليك هذا المعروف، فيشهد القلب النعمة ويقر بها ويراها ويلاحظها طوال الوقت.

ثالثاً: وعلى جوارحه انقيادًا وطاعة، فلو أن القلب اقر وشهد وأحب ومال، مالت الجوارح وتنقاد، فتجد الإنسان الشكور دوما مخبت منكسر عليه معاني الذل والافتقار، ودوماً قلبه منشرح لإحساسه بفضل ربه عليه.



قال ثعلب وهو أحد أئمة اللغة : "الشكر لا يكون إلا عن يد، أما الحمد فيكون عن يد أو عن غير يد" سواء أعطاك أو لم يعطكْ. 

قال القرطبي : "وتكلم الناس في الحمد والشكر هل هو بمعنى واحد أم بمعنيين فذهب الطبري والمبرد إلى أنهما في معنى واحد وهذا غير مرضي والصحيح أن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من غير سابق إحسان، والشكر ثناء على المشكور بما أولى من الإحسان لذا قال الله تعالى : {الحمد لله} ابتداءَ سواء أسدى إليك أم لم يسد فهو محمود سبحانه وتعالى لذاته بجميل صفاته بجميل أفعاله.











قال تعالى: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)


قال السعدي -رحمه الله- : من أسمائه تعالى الشاكر الشكور ، وهو الذي يشكر القليل من العمل الخالص النقي النافع، ويعفو عن الكثير من الزلل ولا يضيع أجر من أحسن عملًا بل يضاعفه أضعافًا مضاعفة بغير عد ولا حساب، ومن شكره أنه يجزي بالحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وقد يجزي الله العبد على العمل بأنواع من الثواب العاجل قبل الآجل، وليس عليه حق واجب بمقتضى أعمال العباد وإنما هو الذي أوجب الحق على نفسه كرما منه وجودا، والله لا يضيع أجر العاملين به إذا أحسنوا في أعمالهم وأخلصوها لله تعالى.
فإذا قام عبده بأوامره، وامتثل طاعته أعانه على ذلك، وأثنى عليه، ومدحه، وجازاه في قلبه نوراً وإيماناً وسعةً، وفي بدنه قوةً ونشاطاً وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء، وفي أعماله زيادة توفيق.
ثم بعد ذلك يقدم على الثواب الآجل عند ربه كاملاً موفوراً، لم تنقصه هذه الأمور.. ومن شكره لعبده، أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن تقرب منه شبراً تقرب منه ذراعاً، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة، ومن عامله ربح عليه أضعافاً مضاعفة 💗









كيف يتحقق الشكر؟ 💙

أولاً:  
يتحقق الشكر بمراعاة آثاره. بأن تحرص على حفظ النعمة وزيادتها، ربنا قال: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }فإذا عرفت ثمرة الشكر، الزيادة، جاهدت على تحقيقه. فمثلا حينما يمن الله عليك بمال وتعلم أن أعظم وسيلة لتنميته واستثماره أن تنفق منه لا أن تدخره، حينها ستفعل.. فأول وسيلة لتحقيق الشكر أن تعرف الثمرة لتكون باعث لك عليه.

ثانياً : أن يضع العبد نصب عينيه الجزاء العظيم الأخروي الذي سوف يمن الله عليه به إذا شكر النعمة. قال الله عز وجل: { وسيجزي الله الشاكرين }، وقال: { وسنجزي الشاكرين} ومنه: ما جاء في بعض الآثار أن من ابتلى فصبر وأعطي فشكر، وظُلم فغفر، أن أولئك الذين لهم الأمن وهو مهتدون.
فالشاكرون يأمنون من فزع يوم القيامة ويكونون من المهتدين في الدنيا والأخرة.

 إذاً معرفة الأجر الذي سوف يمن الله عليه به باعث للشكر كذلك من ثمار الشكر الدافعة له على العمل وشكر نعمة الله تعالى عليه؛ رفع العذاب في الآخرة.

ألا ترى قول الله تعالى: {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }
ففيه إشارة إلى أن الخروج من ظلم الإنسان وكفرانه بنعم الله تعالى أن يضعها نصب عينيه، فيكون هذا سبب إن شاء الله تعالى في أن يُرفع عنه هذا الظلم للنفس الذي يقع الإنسان به. منها كذلك أن ينجو من عذاب الدنيا، يقول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }

والسياق مؤداه أن العكس صحيح أنها إذا شكرت أنعم الله أمنت من عذاب الله تعالى العاجل في الدنيا.
وقد بين القرآن أن الشاكرين ينجون من عذاب الله تعالى كما حصل هذا لنبي الله تعالى لوط { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنّذر إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ }

 إن محبة الله تعالى أثر فطري عن الشعور بنعمة الله فإذا علم العبد أنه لو شكر سيحبه الله وأن الله لو أحبه نجا فهذا باعث له على الشكر. وكذا يتنزل عليك برضوانه, قال عزوجل: { وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} 🌿









نحن كبشر نحب من الناس أن يشكروا أعمالنا، وأحياناً ننصدم ونتضايق لأنهم لم يتعاملوا معنا بالذوق ويتلفظوا بالشكر.. حسناً لنترفع اليوم لشكرِ أسمى وأرقى من شكر البشر، لشكر الله الشاكر الشكور ولله المثل الأعلى.

فأنتَ إذا تلقيت معروفاً من إنسان، ولأنك مؤمن، ولأنك على شيء من الكمال لا تملك إلا أن تشكره، لا تملك إلا تبتسم له، لا تملك إلا أن تمتن له، لا تملك إلا أن تثني عليه، فكيف بصاحب الكمال المطلق ك؟ فكيف بخالق السماوات والأرض؟ فكيف بالذي هو صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى.
 فإذا أحسنت إلى مخلوق ما، كائناً بشرياً أو حيوانا أو نباتًا فهذا الإحسان محفوظ عند الله، تكافَأ عليه في الدنيا أو في الآخرة أو في الدنيا والآخرة، ولا يضيع عند الله شيء.




كيف يشكرك الله عزوجل؟ 💚

أنت حينما يقدم إليك معروف تشكر بلسانك تقول له : شكراً، جزاك الله خيراً، والإله العظيم إذا قدمت إلى أحد عباده معروفاً، تعرفه أو لا تعرفه، عرف أو لم يعرف فإنه يشكرك.

عمر -رضي الله عنه- مرة جاءه رسول من معركة نهاوند، وحدثه عن المعركة، ثم قال هذا الرسول: يا أمير المؤمنين، مات خلْقٌ كثير، قال: مَن هم؟ قال: إنك لا تعرفهم، فبكى عمر، وَقال: وما ضرهم أني لا أعرفهم إذا كان الله يعرفهم.



ومضَـة 💡:
لا يمكن أن يضيع عند الله شيء، مهما تصورت العمل قليلا أو صغيرا، ومهما كانت قيمته تافهة فهو عند الله محفوظ، وإذا أسدي إليك معروف تشكر بلسانك، أو تمتن بقلبك، أو تقدم له مكافأة، أو هدية أو عمل أو تقدم له خدمة.
هذا الإله العظيم صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى، كيف يشكرك؟ جاءت الآية لتبين بالتعبير المعاصر آلية الشكر، قال تعالى:﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾







كيف نتعبد الله تعالى باسمه الشكور؟ 

لم يرد الدعاء باسم الله الشكور، لكن ورد الدعاء بمقتضاه كما في قوله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ)
 فأمرنا الله عز وجل بالشكر .
ومنه قول إبراهيم عليه وعلى نبينا السلام: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم أرشدنا إلى طريقة جميلة في الاجتهاد في الدعاء يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه الامام أحمد و الحاكم و صححه الألباني: (أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء قولوا اللهم أعنا على ذكرك شكرك و حسن عبادتك)
والدعاء هو العبادة فالاجتهاد في الدعاء اجتهاد في العبادة 💛.

الشكر خير من الذهب والفضة :
ففي سنن الترمذي و صححه الألباني من حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما نَزَلَتْ : وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ . 
قال : كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَعْضِ أسفارِه ، فقال بعضُ أصحابِه : أُنْزِلَت في الذهبِ والفِضَّةِ لو عَلِمْنا أَيُّ المالِ خيرٌ فنتخذَه .
فقال : أَفْضَلُه لسانٌ ذاكِرٌ، وقلبٌ شاكرٌ، وزوجةٌ مؤمنةٌ تُعِينُه على إيمانِه)  .

فانظرن ماذا يسألونه وبماذا يجيب؟ 🌼








تقول الأستاذة أمل الغفيلي : 
أصيبت إمرأة بمرض نفسي، فقال لها الطبيب : أكتبي المنح وَالمحن عندك، تقول : أخذت القلم ثم خجلت..  ياترى كم ( المنح ) لا تُحصى، وكم ( المحن ) لا تتجاوز الصفحة؟ 

- كل ما يأتيك من ربك من نعمة ينبغي أن تقدرها وتحفظها وتعظمها، فيكفيك شرفا أنها من الله وقد اختصك وذكرك بهامن بين الناس،فاحفظها بالشكر من الزوال .

- ربما أعطيت نعمة ورزقًا لم يعطه غيرك فاذكر اختصاص الله لك بها من  دون الناس وليلهج لسانك بالشكر مع  الإخبات فقد تسلب النعم بقلة شكر النعم وذكر فضله عليك.

- أحياناً يوفق الله العبد لأن يقول كلمة ترضيه عنه أويكتب كلاما عن دينه وشرعه يعلي به مقامه في الدنيا والآخرة وهذا الإعلاء من شكرالله له : (إنه غفور شكور)

- إياك أن تمل نعمة الله التي أنعم بها عليك من ولد وعلم واذكر فإن هذا الملل ربما يسلبك إياها؛ فتنقل من يدك إلى يد غيرك ممن يفرح بها ويشكرها شكراً عظيماً.

- كم هي النعم التي نعيش فيها ولانشعر بها بل وننسى شكر الله عليها لأننا لا نعدها أصلاً نعما طيلة ما أننا نبصر متاعبنا فقط فيظهر التذمر منا عليها.

- كم مرة أغدق عليك ربك من النعم فامتلأ قلبك فرحاً بها، فلما منع عنك بعض مطلوبك حزنت وغضبت! مع أنه ربما اختبر رضاك عنه بالمنع كما رضيت منه العطاء .

- إذا أقبلت عليك نعمة مهما كان حجمها فافرح بهاواحمدالله عليهاواقبلها ولوكانت قليلة؛ فإن شعورك بأنهاهبة من ربك تجعلك أسعد الناس.

- سمع سليمان -عليه السلام- مقال النملة لقومهاوانذارها لهم"فتبسم ضاحكا" فرحاً بنعمةالله لفهمه مقالها ثم قال شاكراً ربه : (رب أوزعني أن أشكر نعمتك).

- لقد قام رسول الله من الليل حتى تفطرت قدماه مع أن الله غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر ولما سألته عائشة -رضي الله عنها- عن ذلك قال : (أفلا أكون عبدا شكوراً) ❤️









أثر الإيمان بهذين الاسمين 💞 :


🌼 إذا كان الله سبحانه وتعالى الشكور الشاكر على الإطلاق يقبل القليل من العمل ويعطي الكثير من الثواب مقابل هذا العمل القليل، فإن حظ المؤمن من هذا ألا يستصغر شيء من أعمال البر ولا يحقر من المعروف شيئا.كما قال النبي صل الله عليه وسلم" لا تحْقِرَنَّ من المعرُوفِ شيْئًا ، ولوْ أنْ تلْقَى أخاكَ بوجْهٍ طلْقٍ"
حتى تبسمك في وجه أخيك قربى، وصدقتك ولو بشق تمرة قربى، والكلمة الطيبة منك قربى "اتّقُوا النّارَ ولَو بشِقّ تَمرَة فمَن لم يجِدْ شِقّ تَمرَة فبكَلِمةٍ طيّبَة"
فلا تحتقر من العمل شيئا مهما صغر. 

🌼 مما يجب معرفته أن ما يقدمه المسلم في تقربه إلى الله تعالى من صلاة أو صيام أو حج لا يخلو من التقصير والسهو و النسيان، فلا يظن أنها الثمن المطلوب للجنة، ولا ينظر لها من الأساس بل ينظر ويتعلق برحمة الله وفقط.لأن هذه الأعمال في الأساس لن تدخلك الجنة، فالجنة هي سلعة الله الغالية، ولكن لأن الله شكور عظم من شأنها وأعطاك بها على صغرها وعيبها هذه المنة العظيمة.. سلعة الله الغالية. 

🌼 وهو الأهم : هو تحقيق الشكر، وهو واجب على كل مكلف.
فكيف نشكر الله تعالى؟
يقول ابن القيم رحمه الله "الشكر مبني على خمس قواعد، سأذكرها لك وأذكر حظك منها فانتبه :

١- خضوع الشاكر للمشكور، وحظها منك الذل والإنكسار لله تعالى.
٢- حبه له أن يزداد المؤمن في حبه لله تعالى.
٣- إعترافه بنعمته فيكثر من قوله أبوء لك بنعمتك على ويكثر من التحدث بنعم الله تعالى. يتحدث بالنعمة لذكر المنعم وبيان فضله لا لبيان النعمة والزهو بها.
٤- ثنائه عليه بها.
٥- وألا يستعملها فيما يكره لا يعصي الله ويبارزه بها.







تلويحـة الختام :



قال سفيان الثوري لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين : "لا أقومَ حتى تحدثني، قال له : 
( أنا أحدثك، وما كثرة الحديث لك بخير ياسفيان.. إذا أنعم الله عليكَ بنعمة فأحببت بقاءها وَدوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها؛ فإن الله -عز وجل- قال في كتابه : "لئن شكرتم لأزيدنكم" )🌷




وتـركم.. 💭
سبحانك اللهمَّ وبحمدك، نشهد أن لا إلـه إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

السلام عليكم وَرحمة الله وَبركاتـه.

الثلاثاء، 5 مايو 2015

اسم الله (الوتر) #إخاء_سماوي

الله (الوِتْر) جل وعلا 🌸

قال ﷺ : "لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وترٌ يُحبُّ الوتر"

- المعنى الشرعي: الله سبحانه وتعالى هو الوتر على الإطلاق: 

🍥 الواحد الفرد، الذي لا نظير له في ذاته، ولا انقسام، المتفرِّد بذاته بالكمال، وعلوِّها فوق كلِّ الأنام. 

💓 وهو سبحانه المتفرد بالكمال في أسمائه الحسان، وأفعاله التمام، وملكه، وسلطانه بالدوام، وصفاته العلا الجلال. 

🍥 وهو الذي تفرَّد في الوجود، والنعوت، بالأزلية بلا بداية، والأبدية بلا نهاية. 

💓 وهو سبحانه الفرد في ربوبيته، فلا شريك له في ملكه، ولا منازع، ولا معين، ولا ظهير، له من أحد من البرية. 

🍥 وهو تعالى المتفرِّد في الألوهيَّة، المستحقِّ لإفراده في التألُّه، والعبودية، وإخلاص الدين له من كل الخليقة. 

💓 وهو سبحانه الفرد الأحد: الذي لا مثيل له، ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا عديل، لكماله من كل الوجوه. 
فهو اسم دالٌ على وحدانية الله سبحانه، وتفرّده بصفات الكمال، ونعوت الجلال، وأنه ليس له شريك ولا مثيل في شيء منها،




🌸-

والله تعالى وترٌ انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا، وقد خلق الله المخلوقات بحيث لا تعتدل ولا تستقر إلا بالزوجية ولا تهنأ على الفردية والأحدية، يقول تعالى: 
{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلكُمْ تَذَكرُونَ}

فالرجل لا يهنأ إلا بزوجته ولا يشعر بالسعادة إلا مع أسرته والتوافق بين محبتهم ومحبته.🌿





وقد قيل أيضًا في معنى الشفع والوتر 🌱:
أن الشفع تنوع أوصاف العباد بين عز وذل وعجز وقدرة، وضعف وقوة، وعلم وجهل، وموت وحياة.

 والوتر انفراد صفات الله عز وجل فهو العزيز بلا ذل، والقدير بلا عجز، والقوي بلا ضعف، والعليم بلا جهل وهو الحي الذي لا يموت، والقيوم الذي لا ينام جل جلاله..





💜🌿

وفي الإيمان بأن الله وتر نفيٌ للشريك من كل وجه في الذات والصفات والأفعال، وإقرارٌ بتفرّده سبحانه بالعظمة والكمال والمجد والكبرياء والجلال 🌸

 وكذلك فيه إقرارٌ بتفرّد الله بخلق الكائنات، وإبداع البريّات، وإيجاد المخلوقات، والتصرّف فيها بما يشاء، فلا ندّ له، ولا شبيه، ولا نظير ولا مثيل.




وهذا الإقرار موجب أن يُفرد الله وحده بالذل والخضوع والحب والرجاء والتوكل والإنابة وسائر أنواع العبادة 🌻

قال أبو العبّاس القرطبي -رحمه الله- 
" والوتر يراد به التوحيد، فيكون المعنى : إن الله في ذاته وكماله وأفعاله واحد، ويحبُّ التوحيد، أي: يُوحّد ويُعتقد انفراده دون خلقه، فليتئم أوَّل الحديث وآخره، وظاهره وباطنه" 

فأول الحديث إخبارٌ بوحدانية الله، وتفرّده بالجلال والكمال، والخلق والتصرّف والتدبير، وآخره ترغيب في التوحيد، وحضٌّ عليه ببيان حبّه سبحانه لأهله القائمين به المحافظين عليه.




💛🌿


وبعدما عرِفنا أن الله وتر، وأدركنا معناه؛
نسأل أنفسنا هل هو وترٌ في قلوبنا وحياتنا ؟
 هل وحّدناه في قلوبنا ؟ 

هل محبتنا و خوفنا و رجائنا له وحده خالصًا؟ 

فلنتساءل ونبحث ونفتّش في قلوبنا 💚





أثر محبتك لله الوتر يتجلى في محبتك للتوحيد والوتريّة 💞
 في كل العبادات القولية والفعلية، فتغتسلين وترًا، وتستنثرين وترًا..
 وتجعلين آخر صلاتك بالليل وترًا 💓

لأن الله وتر فلابد أن تتعلق القلوب بيده ، كل الخلق يموتون و يذهبون ولكن الله حي لا يموت ..
 فحقيقٌ على قلوب عرفت ربها أن تتعلق به وحده 💙






ختامًا 📮

أن تتعلقي بالله وحده
لا يعني بالضرورة أن تنسي تمامًا من حولك !
أو أن لا تجربي كيف لمشاعرك أن تنعكس في أعينهم فرحًا وحزنا،
لكن أن تتعلي به، يعني أن تهمسي لا شعوريًا
( الحمد لله ) 🌿

أن تتعلقي بالله يعني أن توحّديه، أن تطبّقيها حقًّا لا إله إلا الله.

أن تتعلقي بالله تعني أن تجعلي الله أولًا قبل كل شيء، وتطلبينه أولًا قبل كل أحد، وتتوكلي عليه قبل بذل السبب.💕

زادنا الله وإياكنّ من العلم النافع والعمل الصالح والقلب الخالي إلا منه سبحانه.💕



و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


"الدعاء عطاء".❤️