الخميس، 25 فبراير 2016

تقريب وتهذيب كتاب الجنائز .


[كتاب الجنائز]
(الدرس الأول)
- يُسن الاستعداد للموت والإكثار من ذكره؛ لحديث أبي هُريرة: (أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت) [صححه الألباني].

- ويكره الأنين، وهو رفع الصوت بالتوجع والتأوه من الألم، وله حالان:
1. إن كان على وجه الجزع فهو محرم؛ لمخالفته للصبر الواجب.

2. وإن كان لغلبة الوجع، أو الشكوى مع الصبر، فهذا جائز؛ لقوله ﷺ لعائشة: (بل أنا وارأساه) [البخاري].

- ويكره تمني الموت مهما اشتد الضر؛ لحديث أنس: (لا يتمنين أحد منكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيا للموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) [الشيخان].
لكن يجوز تمني الموت لخوف فتنة؛ لحديث معاذ: (وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون) [صححه البخاري].

- تُسن عيادة المريض المسلم؛ لحديث أبي هُريرة، وفيه أن من حق المسلم على أخيه: (أن يعوده إذا مرض) [الشيخان]، وقد رغّب فيها الشارع كما في حديث ثوبان: (من عاد مريضا لم يزل في خُرفة الجنة حتى يرجع) قيل: يا رسول الله وما خُرفة الجنة؟ قال: (جناها) [مسلم].
والذي له حق الزيارة المسلم دون الكافر، إلا إن كان يريد تأليفه للإسلام، كما في زيارة النبي  ﷺ لليهودي [البخاري]، أو لأن للكافر حقاً بسبب القرابة، كما فعل النبي ﷺ مع عمه أبي طالب [الشيخان].
ووقت الزيارة ومدتها يرجع لحال المريض والزائر، فلا يطيل إلا إن كان المريض يرغب بذلك، كما قرره ابن القيم.

- عند حضور المحتضر (وهو الذي نزل به الموت) يشرع ما يلي:
1. يسن تلقين المحتضر الشهادة بالإجماع لتكون آخر كلامه من الدنيا؛ لحديث أبي سعيد الخدري: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) [مسلم]. فإن كان كافرا أمره بها كما قال النبي ﷺ لأبي طالب: (يا عم قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله). وإن كان مسلما فتكرر على مسمعه ليتذكر. فإن قالها فيكتفى بها ولا تكرر عليه لئلا يضجر فيتكلم بما لا يليق إلا إن تكلم بعدها فتكرر عليه لتكون آخر كلامه.

2. ويسن قراءة يس والفاتحة عند المحتضر؛ لحديث معقل بن يسار: (اقرؤوا على موتاكم يس) [ضعيف].
والراجح: أنه لا يسن لعدم الدليل الصحيح.

3. ويستحب توجيه المحتضر إلى القبلة إن أمكن؛ لعموم قوله ﷺ عن البيت الحرام (قبلتكم أحياء وأمواتا) [أبو داود].
لكن لم يرد دليل خاص في هذه المسألة، ولا يظهر أن الصحابة يتقصدون ذلك، فالأمر واسع.

4. ويسن قول: بِسْم الله، وعلى وفاة رسول الله، هذا المذهب.
والصواب: عدم السنية؛ لعدم الدليل، وهي واردة عن بكر بن عبد الله المزني، لكنه تابعي فلا حجة فيه.

- لا بأس بتقبيل الميت، والنظر إليه، ولو بعد تكفينه؛ لقول عائشة: (إن أبا بكر قبل رسول الله ﷺ بعد موته) [البخاري].

- يسن الإسراع في تجهيز الميت، وغسله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه؛ لحديث أبي هُريرة: (أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن يك سوى ذلك، فشر تضعونه عن رقابكم) [الشيخان]، ولا حرج في انتظار اجتماع جماعة، كما فعل ابن عباس حين مات ولده بعُسفان، بشرط عدم المشقة على الناس، والأمن من التعفن.

- يسن المبادرة بقضاء دين الميت؛ لحديث أبي هُريرة: (نفس المؤمن معلقة بدينه، حتى يقضى عنه) [صححه الألباني].

- إذا خرجت روح الميت فعلى الحاضرين ما يلي:
1. إغماض عينيه والدعاء له؛ لقول أم سلمة: (دخل رسول الله ﷺ على أبي سلمة وقد شُق بصره فأغمضه، ثم قال: إن الروح إذا قبض اتبعه البصر، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقبه) [مسلم].

2. تغطيته بثوب يستر جميع بدنه؛ لحديث عائشة: أن النبي ﷺ (حين توفي سجي ببُرد حبرة) [الشيخان]. إلا المُحْرم فلا يغطى رأسه؛ لحديث ابن عباس: أن النبي ﷺ قال في الذي وقصته ناقته فمات: (ولا تخمروا رأسه) [الشيخان].

3. التعجيل بتجهيزه؛ لحديث: (أسرعوا بالجنازة).

4. الدفن في البلد الذي مات فيه؛ لحديث جابر قال: (كنّا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم، فجاء منادي النبي ﷺ فقال: إن رسول الله ﷺ يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فرددناهم) [صححه الترمذي].

5. الصبر وعدم الجزع، وقول ما ورد في حديث أم سلمة: (ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: (إنَّا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها) إلا أخلف الله له خيرا منها) [مسلم].
ولا حرج بالبكاء من غير نوح ولا جزع؛ لحديث أنس أنه مات إبراهيم فقال النبي ﷺ: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) [البخاري].

6. يستحب طلب الدعاء للميت؛ لأن النبي ﷺ لما نعى النجاشي قال: (استغفروا لأخيكم) [الشيخان].

(الدرس الثاني)
(فصل في غسل الميت)
- غسل الميت فرض كفاية، بالإجماع، كما نقله ابن المنذر وابن حزم، وفي قصة الذي وقصته ناقته قال ﷺ: (اغسلوه بماء وسدر)، ولما توفيت ابنته قال ﷺ: (اغسلنها ثلاثا أو خمسا...) [الشيخان].

- يشترط في الماء الذي يغسل به الميت شرطان:
1. الطهورية؛ لأن النجس لا يُطهر.

2. والإباحة، فلا يصح المغصوب والمسروق.
والأقرب: الصحة مع الإثم.

- يشترط في الغاسل ثلاثة شروط:
1. الإسلام. 
2. العقل.
3. التمييز.  والدليل على هذه الثلاثة: لأن التغسيل عبادة وهي شروط لصحة كل عبادة، إلا إن لم يوجد، فيجزئ تغسيل الكافر للمسلم.

- الأفضل كون المغسل عارفا بأحكام الغَسْل وطريقته، وثقة مأمونا حتى لا يخل بتغسيله، ويستر ما يجب ستره؛ لأن الميت ستنكشف عورته فلا بد من الأمانة.

- الأولى بغسل الميت وصيُّه العدل، وأبو بكر (أوصى أن تغسله أسماء بنت عميس، امرأته فقُدمت) [ضعيف].
فإن لم يوجد وصي فالأصول كالأب، ثم الفروع كالأبناء، ثم الحواشي كالإخوة والأعمام، ثم ذوو الأرحام.

- طريقة تغسيل الميت، وما يفعله المغسل:
يجرد الميت من ملابسه، ويستر عورته المغلظة وجوبا بوضع ساتر عليها، والرجل والمميز يستر من السرة إلى الركبة؛ لأن حرمته ميتا كحرمته حيّا. وإن كان الرجل غسّل امرأة أجنبية عنه للحاجة وجب عليه ستر كل بدنها؛ لحديث ابن مسعود: (المرأة عورة) [صححه الألباني].
فإذا جرده لفّ على يديه خرقة أو قفازين فينجيه بها، ويزيل النجاسة العالقة به إذا احتاج إلى ذلك، ويرفع رأس الميت إلى قرب جلوسه، ويمر يده على بطنه ويعصره برفق ليخرج ما هو مستعد للخروج، ويكثر عندها من صب الماء ليزيل النجاسة الخارجة بسبب عصر بطنه ثم ينجيه، ولا يحل له مَس عورته من غير حاجة، فإذا انقطع الخارج غسله، وهذا حسن؛ لما فيه من التطهير، وليس فيه سنة معينة.

- للرجل أن يغسل زوجته وأمته، وللمرأة غسل زوجها وسيدها، حكاه ابن المنذر إجماعا؛ لقوله ﷺ لعائشة: (ما ضرك لو متِّ قبلي، فقمتُ عليك، فغسلتُك، وكفنتُك، وصليت عليك، ودفنتك) [صححه الألباني]، (وغسل علي فاطمة ولم ينكره منكِر) [حسنه الألباني].

- حكم غسل الميت فيما يجب ويسن كغسل الجنابة، فيسن أن يوضأ الميت كوضوء الصلاة، بعد إزالة النجاسة عنه؛ لقوله ﷺ لأم عطية في غسل ابنته: (ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها) [الشيخان].
لكن في المضمضة والاستنشاق لا يدخل الماء إلى فم الميت؛ لئلا يدخل في جوفه فتخرج النجاسة، بل يبل الخرقة أو الأصابع، ثم يدخل سبابتيه بين شفتيه، فيمسح الفم والأنف، وينظفهما، فيقوم المسح فيهما مقام الغسل، ثم يغسل سائر جسده، ويفيض عليها الماء.

- يكره الاقتصار في غسل الميت على مرة واحدة إن لم يخرج منه شيء، وهذا قول أكثر العلماء؛ لقوله ﷺ: (اغسلنها بالسدر وترا ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك، إن رأيتن ذلك)، لكن يجزئ مع الكراهة، إلا أن تخرج نجاسة، فتجب الزيادة.

- إن خرجت من الميت نجاسة وجب إعادة الغسل إلى سبع حتى ينظفه، والسنة القطع على وتر.
فإن استمر خروج النجاسة بعد السابعة حُشي المحل بشيء يوقف خروجها، من قطن أو نحوه، ويوضئه، ولا يجب إعادة غسله.
وإن خرج من الميت شيء بعد الغسل والتكفين فلا يلزم إعادة الوضوء ولا الغسل للمشقة في ذلك.

- يسن أن يجعل مع السابعة كافورا أو سدرا؛ لأنه يصلب الجسد، ويطرد الهوام برائحته؛ لقوله ﷺ: (واجعلن في الآخرة كافورا).

- السنة في حق المرأة أن يُضْفَر شعرها ثلاثة قرون وتجعل خلفها؛ لقول أم عطية: (فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، وألفيناها خلفها).

- الصفة المجزئة في غسل الميت:
إفاضة الماء فإن أنقى، فلا تكرار، وهذا مذهب الجمهور.

- يستحب لمن غسّل ميتا أن يغتسل؛ لحديث أبي هُريرة: (من غسل ميتا فليغتسل) [معلول].

- لا يحضر الغسل إلا المغسل ومن يساعده؛ لأنه أستر للميت.

(الدرس الثالث)
- الشهداء ثلاثة أقسام:
١/ شهيد في الدنيا والآخرة، وهو من قُتل في المعركة لتكون كلمة الله هي العليا، فهذا له أحكام الشهيد في الدنيا، وله أجر الشهيد في الآخرة، وهذا مذهب الجماهير، واختيار ابن عثيمين.
والمقصود بأحكام الشهيد في الدنيا: أنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه؛ لحديث جابر في شأن شهداء أحد: (أن النبي ﷺ أمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلهم) [البخاري]، إلا من كان عليه حديد أو جلود فتنزع عنه؛ لحديث ابن عباس: (أمر رسول الله ﷺ بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم) [ضعفه الألباني].
والحكمة من ترك الصلاة على شهيد المعركة: أن الصلاة شفاعة والشهادة تكفر كل شيء إلا الدَّين.
والحكمة من ترك التكفين والغسل: لما في حديث جابر: (لا تغسلوهم، فإن كل جرح يفوح مسكا يوم القيامة، ولم يصل عليهم) [صححه الألباني].

٢/ شهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو من قتل في سبيل الله لا يريد وجه الله، فهذا له أحكام الشهيد في الدنيا، دون الآخرة.

٣/ شهيد في الآخرة فقط، وهو من سماه الشارع شهيدا ولم يقتل في معركة، كالغريق والمطعون، فهذا ليس له أحكام الشهداء في الدنيا، ولكن في الآخرة فقط.

- المقتول ظلما له أحكام شهيد المعركة؛ لحديث سعيد بن زيد: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، أو دون ماله، أو دون دينه، فهو شهيد) [صححه الألباني]، هذا المذهب.
ويرى الجمهور أن المقتول ظلما يغسل ويكفن ويصلى عليه، واختاره ابن عثيمين.

- من مات في المعركة حتف أنفه، كأن يسقط من راحلته، فهذا يغسل ويصلى عليه في قول الجماهير؛ لأن الأصل وجوب الغسل والصلاة، ولأنه لم يباشر الكفارُ قتلَه.

- من أصيب في المعركة ثم مات متأثرا بجراحه فله حالان:
١/ إن كان جرحه خطيرا، ولم تستقر حياته، ومات بعده بمدة قصيرة عرفا، فهذا لا يغسل ولا يصلى عليه؛ لأنه مات بقتل الكفار.

٢/ فإن استقرت حياته ثم مات متأثرا بجرحه فهذا يغسل ويصلى عليه؛ لحديث عائشة: أن سعد بن معاذ (جرح في غزوة الخندق، وحمل إلى المسجد، ثم انفجر عليه جرحه، ومات منه، ثم غسل وكفن، وصلي عليه) [الشيخان].

- من قتل شهيدا وعليه جنابة فإنه يغسل؛ لأن الملائكة غسلت حنظلة بن أبي عامر لما استشهد، هذا المذهب.
والأقرب: أنه لا يغسل؛ للأدلة على عدم تغسيل الميت، ولو كان واجبا لما اكتفى النبي ﷺ بتغسيل الملائكة لحنظلة؛ لأنه ليس من تكليفنا، بل كرامة، وهذا مذهب مالك، والشافعي.

- السِّقط هو المولود قبل تمامه، وله حالان:
١/ إن استهل صارخا وعرفت حياته غُسل، وصلي عليه بالإجماع.

٢/ وإن لم يستهل صارخا، فالجمهور أنه لا يصلى عليه.
والمذهب: أنه يصلى عليه إن بلغ أربعة أشهر، ولو لم يستهل صارخا، وما قبل أربعة أشهر لا يصلى عليه إلا إن استهل صارخا؛ لعموم حديث المغيرة بن شعبة: (والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة) [صححه الألباني]، وحددناه بأربعة أشهر؛ لحديث ابن مسعود: (أنه ينفخ فيه الروح لأربعة أشهر) [الشيخان]، وما قبل الأربعة أشهر ليس بميت لأنه لم تنفخ فيه الروح حتى يكون حيّا ثم يموت، فهذا يلف في خرقة ويدفن.

- الكفار إذا ماتوا لا يغسلون، ولا يكفنون، ولا يصلى عليهم؛ لآية: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره}، بل يوارى الكافر لعدم من يواريه.

(الدرس الرابع)
- التكفين هو لف الميت في ثوب فأكثر، وهو فرض كفاية بالاتفاق؛ لحديث: (وكفنوه في ثوبين).
وثمن الكفن من مال الميت -وهو مقدم على الدين والإرث-، وإن وجد من يتبرع جاز.

- الواجب في الكفن أن يستر جميع البدن من رأسه إلى قدميه؛ لحديث خباب أن مصعب بن عُمير (حين قتل يوم أحد، وترك نمرة، قال خباب: فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فأمرنا رسول الله ﷺ أن نغطي رأسه، ونجعل على رجليه شيئا من إذخر) [البخاري]، والسنة ألا تقل اللفائف عن ثلاث، كما فعل برسول الله ﷺ.

- رأس المحرم لا يجوز تكفينه وتغطيته؛ لحديث: (ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبي).
وكذلك وجه المحرمة؛ لأنها تبعث يوم القيامة ملبية، وفي حديث ابن عمر: (لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين) [البخاري]، إلا إن كان سيحضر جنازتها غير المحارم فيجب تغطية وجهها.

- السنة كون الكفن نظيفا سابغا صفيقا يستر جميع البدن؛ لحديث جابر: (إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه) [مسلم].
ويدخل في الإحسان: نظافته، وكثافته، وستره، وتوسطه، ويجعل أحسن اللفائف أعلاها، فيظهر للناس حسن الكفن؛ لأن الكفن للميت كاللباس للحي.
والإسراف ممنوع؛ لقول أبي بكر: (كفنوني في ثوبي هذين؛ لأن الحي أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هو للمهلة والتراب) [البخاري].

- السنة في كفن الرجل:
١/ أن يكون أبيضَ؛ لحديث ابن عباس: (البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم) [صححه الألباني].

٢/ وأن يكون ثلاثة أثواب؛ لحديث عائشة: أن النبي ﷺ (كفن في ثلاثة أثواب يمانية، بيض، سحُولية، من كرسف، ليس فيهن قميص ولا عمامة) [الشيخان].

٣/ وأن يطيب ويبخر الكفن؛ لحديث جابر: (إذا أجمرتم الميت فأجمروا ثلاثا) [صححه الألباني].

- صفة تكفين الميت:
أن يحضر ثلاث لفائف بيض، يبسط بعضها فوق بعض، ويجعل أعلاها أحسنها وأوسعها، ثم يرشها بماء مطيب، ويجعل حنوطا بين الأكفان، ثم يوضع الميت عليها مستلقيا على ظهره، ثم يأتي بقطعة قماش قدر السوأتين، ثم يلفها على فرجه وإليته، ويربطها لتنشد عليه، وإن خشي من خروج شيء فله أن يجعل بين إليتيه قطنا ليرد ما خرج عند تحريكه وتقليبه. ثم يلف الكفن ويجعل أكثر الفاضل من الكفن عند الرأس، ثم يعقدها ويربطها لئلا تنتشر، فإذا أدخل القبر حلوا العقد؛ لقول ابن مسعود: (إذا أدخلتم الميت فحلوا العقد) [ضعيف].
والمرأة تزيد على الميت بثوبين؛ لأنه أستر لها؛ لحديث ليلى الثقفية في تكفين ابنة النبي ﷺ (في خمسة أثواب) [ضعيف]، ويباح في ثلاثة فقط.

- يكره التكفين بشَعَر وصوف ومزعفر ومعصفر ومنقوش؛ لأنه لم يرد.

- يحرم التكفين بالجلود؛ لحديث ابن عباس: (أمر رسول الله ﷺ بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم) [ضعيف].
ويحرم أيضا التكفين بالحرير والمذهب؛ لأن فيه مباهاة، وهو خلاف عمل السلف.

(فصل في الصلاة على الميت)
(الدرس الخامس)
- الصلاة على الميت فرض كفاية؛ لحديث أبي هُريرة: (صلوا على صاحبكم) [الشيخان].

- تسقط الصلاة على الميت بمكلف واحد ولو كان أنثى.

- لصحة الصلاة على الميت ثمانية شروط:

١) النية؛ لأنها عبادة.

٢) التكليف.

٥،٤،٣) استقبال القبلة، وستر العورة، واجتناب النجاسة؛ لأنها صلاة فأشبهت سائر الصلوات.

٦) حضور الميت إن كان بالبلد؛ لأنه لا صلاة بلا ميت.
فإن لم يكن بالبلد فهل يصلى على الغائب؟
نعم، مطلقا، وهذا المذهب وفاقا للشافعية؛ لصلاة النبي ﷺ على النجاشي،
ويرى الحنفية والمالكية عدم مشروعية الصلاة على الغائب مطلقا؛ لأنه مات خلق كثير ولم يصل عليهم النبي ﷺ.
واختار ابن تيمية وابن عثيمين الصلاة على من لم يُصل عليه فقط.

٧/ إسلام المصلي؛ لأن الكافر عبادته مردودة.
وكذلك إسلام المصلى عليه؛ لأن الصلاة على الكافر لا تجوز؛ لآية: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا}.

٨/ طهارتهما ولو بتراب لعذر؛ لحديث: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ).


- أركان الصلاة على الميت سبعة:

١) القيام في فرضها مع القدرة.

٢) التكبيرات الأربع؛ لأنه لم يرد أقل منها.

٣) قراءة الفاتحة، كسائر الصلوات؛ لعموم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، وهذا المذهب ومذهب للشافعية.

٤) الصلاة على النبي ﷺ؛ لحديث أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي ﷺ: (أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه، ثم يصلي على النبي ﷺ، ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات، ولا يقرأ في شيء منهن، ثم يسلم سرا في نفسه) [صححه الألباني].
والأولى أن يصلي على النبي ﷺ كما يصلي عليه في التشهد.
وهي ركن عند الحنابلة والشافعية، ويرى أبو حنيفة ومالك أنها سنة.

٥) الدعاء للميت؛ لحديث: (إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء) [حسنه الألباني].
ويجوز الدعاء بما تيسر، لكن بما ورد أفضل، كحديث عوف بن مالك: (اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب النار) [مسلم].

٦) السلام؛ لأن النبي ﷺ كان يسلم في صلاة الجنازة، وقال في الصلاة: (تحليلها التسليم).
والسنة تسليمة واحدة؛ لأن هذا هو المنقول عن النبي ﷺ، وبه قال الجمهور.
ويرى أبو حنيفة أنه يجوز تسليمتان؛ لقول ابن مسعود: (خلال كان رسول الله ﷺ يفعلهن تركهن الناس، إحداهن: تسليم الإمام في الجنازة مثل تسليمه في الصلاة) [حسنه الألباني].

٧) الترتيب بين الأركان فلا يقدم بعضها على بعض.

- لا يتعين كون الدعاء في الثالثة، بل يجوز بعد الرابعة؛ لقول ابن أبي أوفى: (أن رسول الله ﷺ كان يكبر أربعا، ثم يمكث ساعة، فيقول ما شاء الله أن يقول، ثم يسلم) [صححه الألباني].

(الدرس السادس)
- صفة صلاة الجنازة:

١) أن ينوي الصلاة على الجنازة.

٢)  ثم يكبر تكبيرة الإحرام رافعا يديه بالإجماع، نقله ابن المنذر؛ لحديث أبي هُريرة: (أن رسول الله ﷺ كبر على جنازة، فرفع يديه في أول تكبيرة، ووضع اليمنى على اليسرى) [ضعيف]، ويرفع يديه في بقية التكبيرات أيضا؛ لأن ابن عمر (كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة) [صححه ابن حجر]، وقياسا على الصلاة المفروضة، وهذا قول الشافعي وأحمد.

٣) ثم يقرأ الفاتحة سرا بعد التكبيرة الأولى؛ لأن ابن عباس (صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: لتعلموا أنها سنة) [البخاري]، وهي فرض عند الشافعي وأحمد.

٤) ثم يكبر الثانية، ويصلي على النبي ﷺ وجوبا؛ لحديث أبي أمامة بن سهل: (أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه، ثم يصلي على النبي ﷺ).

٥) ثم يكبر الثالثة، ويدعو للميت بنحو: اللهم ارحمه.

٦) ثم يكبر الرابعة، ويبقى قليلا، ويسلم، والسنة تسليمة واحدة.

- غالب هدي النبي ﷺ التكبير أربعا، وثبت عنه ﷺ أنه كبر أربعا وخمسا.

(الدرس السابع)
- الصلاة على الميت في القبر بعد دفنه جائزة باتفاق الأئمة الأربعة؛ لأحاديث كثيرة، منها: حديث أبي هُريرة: (أن رسول الله ﷺ صلى على قبر امرأة سوداء) [الشيخان]. لكنه ليس هديا دائما في كل ما يفوته.

- الصلاة على الميت بعد دفنه بأكثر من شهر حرام، هذا المذهب؛ لأن الشهر هو أقصى ما ورد فيكتفى به، قال أحمد: أكثر ما سمعنا عن ابن المسيب (أن النبي ﷺ صلى على قبر أم سعد بن عبادة بعد شهر) [البيهقي: مرسل صحيح].
وقيل: بعدم التحريم؛ لأن صلاة النبي ﷺ بعد شهر كانت موافقة من غير قصد، لكن إذا طالت مدة الدفن فلا ينبغي الصلاة على القبر، بل يكتفى بالدعاء له والاستغفار.

- السنة أن يقف الإمام من الجنازة عند الصلاة عليها وراء رأس الرجل، ووسط المرأة؛ لحديث سمرة: (صليت خلف النبي ﷺ وصلى على أم كعب، ماتت وهي نفساء، فقام رسول الله ﷺ للصلاة عليها وسطها) [الشيخان]، وقول أبي غالب: (صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل، فقام حيال رأسه..) [صححه الألباني].

- السنة أن يصلى على الميت جماعة، والأفضل ألا يقل عددهم عن أربعين؛ لحديث ابن عباس: (ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه) [مسلم].

- إذا كان في الجنائز ذكور وإناث جُعل الذكور مما يلي الإمام، والإناث مما يلي القبلة.

- تجوز الصلاة على الجنازة في المسجد من غير كراهة؛ لحديث عائشة: (صلى رسول الله ﷺ على سهيل بن بيضاء في جوف المسجد) [مسلم]. والأفضل خارج المسجد لأنه غالب الهدي النبوي.

- من فاتته بعض التكبيرات دخل مع الإمام على أي صفة كان؛ لعموم: (فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا).
وما أدرك من التكبيرات فهو أول صلاته على الأظهر، فَلَو دخل مع الإمام في الثانية فإنه يقرأ الفاتحة؛ لعموم: (فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا). حتى لو رفعت الجنازة فإنه يكمل صلاته؛ إذ يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا.

- تجوز الصلاة على الجنازة أوقات النهي؛ لأنها من ذوات الأسباب.

- نعي الميت والإعلام بموته له ثلاث أحوال:
١/ إعلام الأهل والأصحاب، وهذا ثابت في السنة؛ لحديث: (أن رسول الله ﷺ نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، فخرج بهم إلى المصلى، وكبر أربع تكبيرات) [الشيخان]، وهذا قول الجمهور.

٢/ الإعلام العام، وهذا مكروه؛ لقول ابن مسعود: (إياكم والنعي؛ فإن النعي من عمل الجاهلية).

٣/ إعلام يصحبه نياحة أو مفاخرة، وهذا محرم.

- فضل الصلاة على الجنازة: في حديث أبي هُريرة (من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع بقيراطين، كل قيراط مثل أحد) [البخاري]، فالقيراط الأول يحصل بالصلاة على الجنازة، والثاني لا يحصل إلا بالفراغ من إهالة التراب، ولا يلزم المشاركة في الدفن.
والقيراط: مقدار من الثواب معلوم؛ لحديث أبي هُريرة: (فله قيراطان، أصغرهما مثل أحد -أو أحدهما مثل أحد-) [أبو داود].

(فصل في حمل الميت ودفنه)
(الدرس الثامن)
- حمل الميت ودفنه فرض كفاية؛ إذ لا يمكن الدفن إلا بحمل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. والدليل على وجوب الدفن: آية: {ثم أماته فأقبره}، وآية: {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه}.

- تغسيل الميت المسلم والصلاة عليه يجب أن يقوم به مسلم، أما الحمل والدفن والتكفين فيجزئ أن يقوم به كافر؛ لأن فاعلها لا يختص بكونه من أهل القربة.

- يكره أخذ الأجرة على القيام بالميت وتغسيله؛ لأن ذلك عبادة. أما أخذ غير الأجرة كالرزق والجعل من بيت المال فلا يكره.
والأجرة يجوز أخذها في حال التفرغ لها كما هو الآن في بعض مغاسل الأموات والمقابر؛ للمصلحة الظاهرة ومنفعة المسلمين.

- يسن كون الماشي أمام الجنازة؛ لحديث ابن عمر: (رأيت النبي ﷺ وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة) [مرسل]، ويجوز خلاف ذلك؛ لحديث المغيرة بن شعبة: (الراكب خلف الجنازة، والماشي حيث شاء منها) [الترمذي: حسن صحيح].
أما الراكب فالسنة كونه خلفها؛ لحديث: (الراكب خلف الجنازة).

- السنة الإسراع في الجنازة؛ لحديث أبي هُريرة: (أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم) [الشيخان].

- لا يشرع القيام للجنازة عند الجمهور، بل مكروه على المذهب؛ لقول علي: (رأينا رسول الله ﷺ قام فقمنا، وقعد فقعدنا يعني في الجنازة) [مسلم]، فالجلوس آخر الأمرين.
وقيل: القيام عند مرور الجنازة مستحب وليس مكروها؛ لحديث عامر بن ربيعة: (إذا رأى أحدكم الجنازة فإن لم يكن ماشيا معها فليقم حتى تخلفه، أو توضع من قبل أن تخلفه) [الشيخان]، وهذا اختيار ابن تيمية، وهذا أقرب، وما نقله علي مجرد فعل يتطرق له الاحتمال، فيكون صارفا للوجوب إلى الندب.

- السنة لمن تبع الجنازة ألا يجلس حتى توضع؛ لحديث أبي سعيد: (إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع) [الشيخان]، والمراد هنا: وضعها على الأرض على الصحيح، كما قرره ابن تيمية.

- إذا وضعت الجنازة على الأرض فالجلوس أثناء الدفن جائز؛ لقول البراء بن عازب: (خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يُلحدْ، فجلس رسول الله ﷺ وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير) [صححه الألباني]، وكذلك القيام جائز.
ولا بأس بتذكير الحاضرين من غير التزام؛ لوروده عن النبي ﷺ من غير التزام.

- يكره رفع الصوت والصراخ أثناء اتباع الجنازة والمشي معها، ولو بقراءة القرآن والذكر، وحكى ابن تيمية الاتفاق عليه؛ لحديث أبي هُريرة: (لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار) [ضعيف]، ونهي عدد من الصحابة عن ذلك.

(الدرس التاسع)
- السنة في القبر أن يعمق ويوسع؛ لحديث هشام بن عمار أنه ﷺ قال في قتلى أحد: (احفروا وأوسعوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا أكثرهم قرآنا) [صححه الترمذي].
ولم يرد حد معين في التعميق والتوسيع، ويكفي ما يمنع السباع من الوصول إلى الميت، ويمنع الرائحة من الخروج.

- يكره إدخال الخشب في قبر الميت، وما مسته نار، ووَضعُ فراش تحته، وجعل مخدة تحت رأسه؛ لأنه لم ينقل، ولأنه إتلاف للمال بلا ضرورة.
لكن مع الحاجة لا يكره، وعليه يحمل حديث ابن عباس: (جعل في قبر رسول الله ﷺ قطيفة حمراء) [مسلم]، والقطيفة ألقاها شقران مولى النبي ﷺ، وكره ذلك الجمهور.

- يسن لمن يدخل الميت في قبره أن يقول: ما جاء في حديث ابن عمر: أن النبي ﷺ كان إذا وضع الميت في القبر قال: (بِسْم الله، وعلى سنة رسول الله)، وقال مرة: (بِسْم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله، وقال مرة: بِسْم الله وبالله، وعلى سنة رسول الله) [موقوف].

- يستحب جعل الميت في قبره على جنبه الأيمن، ويجب توجيهه للقبلة؛ لحديث: (قبلتكم أحياء وأمواتا)، وعليه جرى عمل المسلمين.

- يحرم دفن غير الميت عليه أو معه، بل يجب دفن الميت وحده حال السعة، وعليه جرى عمل المسلمين.
إلا لضرورة فيجوز دفن أكثر من واحد في قبر واحد؛ لقول جابر: كان النبي ﷺ يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: (أيهم أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد) [البخاري].

- يسن حثو التراب على الميت ثلاثا؛ لقول أبي هُريرة: (أن رسول الله ﷺ صلى على جنازة، ثم أتى قبر الميت، فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا) [منكر]، هذا المذهب. ثم يهال ما بقي حتى يمتلئ القبر.

- استحب الأكثر تلقين الميت بعد دفنه؛ لحديث أبي أمامة، وفيه: (أنه يقال له بعد تسوية قبره: يا فلان بن فلان اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما) [ضعيف].  والصحيح أنه غير مشروع؛ لضعف الحديث، كما قرره ابن تيمية، ويرى الصنعاني أنه بدعة.

- يسن رش القبر بالماء؛ لـ(أن رسول الله ﷺ رش قبر ابنه إبراهيم) [الشافعي].
والحكمة: أن يحفظ التراب من أن تطير به الريح.

(الدرس العاشر)
- يكره تزويق القبر وتجصيصه وتبخيره وتقبيله والطواف به، هذا المذهب.
والصواب أنها بدع محرمة، وبعضها أشد من بعض، أما الطواف بالقبر فهو شرك باتفاق المسلمين، كما حكاه ابن تيمية؛ لأن الطواف عبادة بذاته فلا يطاف إلا بالبيت العتيق.
وأما البقية فهي محرمة، وأول من ابتدعها الرافضة، قال جابر: (نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) [مسلم].

- الاتكاء على القبر والجلوس عليه مكروه، هذا المذهب.
والصحيح أنه محرم؛ لقول عمرو بن حزم: رآني رسول الله ﷺ متكأ على قبر، فقال: (لا تؤذ صاحب هذا القبر، أو لا تؤذه) [صححه الألباني]، ولحديث أبي مرثد الغنوي: (لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها) [مسلم].

- يكره المبيت والضحك عند القبر، والحديث في أمر الدنيا؛ لأن المبيت لم يرد حتى لمن يطلب رقة قلبه. ولأن الضحك والحديث بالدنيا علامة غفلة وقسوة قلب.

- الكتابة على القبر مكروهة، هذا المذهب.
وقيل: تحرم؛ لحديث جابر: (نهى رسول الله ﷺ أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ) [صححه الترمذي]، وهذا نهي عن الكتابة مطلقا حتى اسم الميت، لكن يجوز وضع علامة كحجر أو عظم؛ لأنه لما مات عثمان بن مظعون ودفن، أتى النبي ﷺ بحجر، فوضعها عند رأسه، وقال: (أتعلم بها قبر أخي، وأَدفن إليه من مات من أهلي) [حسنه الألباني].

- البناء على القبور مكروه، هذا المذهب.
والصحيح: أنه محرم باتفاق الأئمة؛ لأدلة كثيرة، منها: حديث عائشة، وفيه أن النبي ﷺ لعن أهل الكتاب لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد [الشيخان]، وفي حديث علي أمر ﷺ بتسوية القبور المشرفة وما بني عليها؛ لأن ذلك من وسائل الشرك.

- المشي بالنعل مكروه إلا لخوف شوك ونحوه؛ لحديث بشير بن الخصاصية مولى رسول الله ﷺ أن رسول الله ﷺ نظر، فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان، فقال: (يا صاحب السبتيتين، ويحك ألقِ سبتيتيك) فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله ﷺ خلعهما فرمى بهما [صححه الألباني]، وهذا احتراما للموتى.

(الدرس الحادي عشر)
- إسراج المقابر حرام بالاتفاق؛ لأن النبي ﷺ لعن من فعل ذلك، وفيه تشبه بالمشركين، وإضاعة للمال.

- الدفن بالمساجد، أو بناء المساجد على القبور محرم بالاتفاق؛ لحديث عائشة: (لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يحذر ما صنعوا [الشيخان].

- وجود المقابر بقبلة المسجد وبقربه لا يجوز شرعا؛ لحديث أبي مرثد الغنوي: (لا تُصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) [مسلم]، إلا إذا أمكن وضع حائل ساتر بين المسجد والقبور فهو متعين، وإلا فيزال المتأخر منهما، قرره ابن إبراهيم.

- يحرم دفن الميت في ملك غيره؛ لما فيه من إفساد ملك غيره بغير حق، إلا إن أذن.

- الأفضل الدفن بالصحراء؛ لئلا تُضيق المقبرة على الناس في مساكنهم، والنبي ﷺ كان يدفن أصحابه في البقيع.

- إذا ماتت امرأة حامل فلها ثلاث أحوال:

١) إن كان من في بطنها ميتا، فلا يجوز شق بطنها؛ لأنه مثلة وتشويه للميت بلا مصلحة، وفي حديث عائشة: (كسر عظم الميت ككسره حيّا) [صححه الألباني].

٢) إن كان من في بطنها حيّا وأمكن إخراجه، فشق بطنها حرام؛ لأنه هتك حرمة متيقنة لإبقاء حياة متوهمة، بل تحاول النساء إخراجه بالمعالجات وإدخال اليد، فإن تعذر لم تدفن حتى يموت؛ للحديث السابق، هذا المذهب.
والراجح: إن أمكن إخراجه بلا شق حرم الشق، فإن لم يمكن إلا بالشق فهو جائز؛ للمصلحة، وهذا مذهب الحنفية، واختيار السعدي.

٣) أن يخرج بعضه حيّا، فيجوز شق بطنها لإخراجه؛ لوجود مصلحة قوية متحققة، ولما يترتب على عدم الشق من مفسدة الموت، والحي يراعى أكثر من الميت.

- اللحد والشق في القبر جائزان بالإجماع:
اللحد: أن يُحفر في حائط القبر (أي جانبه) مكان يسع الميت، ثم يوضع اللِّبن عليه.
والشق: أن يحفر في وسط القبر كالنهر ويبنى جانباه، فيكون الشق كالحوض، ثم يوضع فيه الميت، ويسقف بأحجار ثم يدفن.
اللحد أفضل؛ لقول سعد بن أبي وقّاص في مرضه الذي هلك فيه: (الحدوا لي لحدا، وانصبوا علي اللبن نصبا، كما صنع برسول الله ﷺ) [مسلم]، وحديث ابن عباس: (اللحد لنا والشق لغيرنا) [ضعيف].

- الأولى أن يتولى دفن المرأة وإنزالها قبرها رجل لم يطأ زوجته تلك الليلة، ولو كان أبعد من غيره في القرابة؛ لقول أنس: شهدنا بنتا لرسول الله ﷺ، ورسول الله ﷺ جالس على القبر، قال: فرأيت عينيه تدمعان، فقال: (هل منكم رجل لم يقارف الليلة؟) فقال أبو طلحة: أنا، قال: (فانزل) قال: فنزل في قبرها [البخاري].
ومعنى (لم يقارف): لم يذنب، وقيل: لم يجامع تلك الليلة؛ لأن الغالب وقوع ذلك الفعل بالليل، وجزم به ابن حزم.

(فصل في أحكام المصاب والتعزية)
(الدرس الثاني عشر)
- التعزية: هي التسلية.

- تسن تعزية المسلم إذا حلت به مصيبة؛ لأن النبي ﷺ عزى ابنته لما مات أحد أولادها.

- وقت التعزية: من حين الموت ولو قبل الدفن إلى ثلاثة أيام، هذا المذهب.
والأقرب: عدم التحديد، وأنها مسنونة ما دامت المصيبة قائمة؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، وثبت أن النبي ﷺ عزى بعد ثلاث في موت جعفر، واختاره ابن تيمية.

- صيغة التعزية: يعزي بما تحصل به التسلية ويدفع الحزن، وروى أسامة أن النبي ﷺ عزى ابنته في وفاة أحد أولادها قال: (إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبرْ ولتحتسبْ) [الشيخان]، وعزى في موت أبي سلمة: (اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه) [مسلم].

- يرد المُعزّى بقوله: (استجاب الله دعاءك، ورحمنا وإياك) كما رد به الإمام أحمد، أو يقول: (جزاك الله خيرا).
والتعزية تحصل بدون مصافحة ولا معانقة، ولم ينقل ذلك عن النبي ﷺ، ولا إنكار على من فعله.
وليس من السنة الجلوس في البيوت للتعازي؛ لأنه لم يؤثر عن النبي ﷺ والصحابة، وكرهه الشافعي وابن عثيمين.

- لا بأس بالبكاء على الميت قبل الدفن وبعده، ما لم يصل لحد النياحة والجزع؛ لأن النبي ﷺ بكى على موت إبراهيم، بل استحبه ابن تيمية إن كان رحمة بالميت؛ لحديث: (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده).

- يحرم الندب، وهو البكاء مع تعداد محاسن الميت؛ لما فيه من الجزع، كقوله: وا سيداه! من للأيتام بعدك؟

- وتحرم النياحة، وهي رفع الصوت بالصراخ برنة وترجيع، ومنه اجتماع النساء البكاء على الميت؛ لحديث أبي هُريرة: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت) [مسلم]، وفي حديث أبي مالك الأشعري: (النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب) [مسلم].

- يحرم شق الجيوب ولطم الخد والصراخ ونتف الشعر وحلقه؛ لحديث ابن مسعود: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) [الشيخان]، وقول أبي موسى: (برئ رسول الله ﷺ من الصالقة والحالقة والشاقة) [الشيخان].
والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة.
والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة.
والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة.
وكل هذا دليل على الجزع والتسخط وهو محرم.

(الدرس الثالث عشر)
- تسن زيارة القبور للرجال، بالإجماع؛ لفعله ﷺ وقوله (كُنتُ نهيتكم عن زيارة المقابر فزوروها فإنها تذكركم الآخرة).
لكن لا يجوز شد الرحال لأجل زيارة القبور؛ لحديث أبي هُريرة: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول ﷺ، ومسجد الأقصى) [الشيخان].

- تكره زيارة القبور للنساء؛ لأن الأدلة تحتمل الجواز والتحريم، فتوسطوا بينهما، هذا المذهب.
والأظهر: التحريم؛ لحديث ابن عباس:  (لعن رسول الله ﷺ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) [حسنه الترمذي]، ولأن المرأة ضعيف صبرها، ودخولها للمقبرة فتنة، وهذا اختيار ابن تيمية وابن عثيمين.

- إن اجتازت المرأة بقبر في طريقها فسلمت عليه ودعت له فحسن؛ لأن عائشة لما لحقت رسول الله ﷺ حتى أتى البقيع قالت: كيف أقول لهم؟ قال: (قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون) [مسلم].

- يسن لمن زار القبور أو مر بها أن يقول ما ورد، ومنه حديث بريدة: (السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية) [مسلم].

- من مر بمقبرة غير مسورة استحب له السلام عليهم، ولو لم يتقصد الزيارة؛ لقول ابن عباس: مر رسول الله ﷺ بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: (السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا، ونحن بالأثر) [استغربه الترمذي].
وإن كانت مسورة فمحل خلاف، والأمر واسع.

- يجوز رفع اليدين في الدعاء للأموات؛ لأن  الرسول ﷺ (جاء البقيع فرفع يديه ثلاث مرات).
وأما رفعهما لقبر معين فلم يرد.

- عند زيارة قبر النبي ﷺ الدعاء للنفس منهي عنه باتفاق الأئمة، بل بدعة كما قرره ابن تيمية.
فإن دعا من غير تقصد للبقعة فإنه يستقبل القبلة باتفاق الأئمة الأربعة، وعند السلام على النبي ﷺ يستقبل الحجرة عند الجمهور، خلافا لأبي حنيفة فعنده يستقبل القبلة.

- قراءة القرآن عند القبر، وزيارة القبور بدعة، كما قرره ابن تيمية؛ لأنه لم يرد.

- ابتداء السلام على الحي سنة مؤكدة؛ لآية: {فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة}، ولقول ابن عمرو: إن رجلا سأل النبي ﷺ: أي الإسلام خير؟ قال: (تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) [الشيخان].

- رد السلام واجب بالإجماع، نقله ابن تيمية، لكنه فرض كفاية؛ لحديث علي: (يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم) [ضعيف]، هذا المذهب.
ويرى بعض العلماء أن رد السلام فرض عين.

(الدرس الرابع عشر الأخير)
- إذا عطس المسلم فالسنة أن يحمد الله بقوله: (الحمد لله)، ويجب على السامع أن يشمته بقوله: (يرحمك الله)، ثم يرد العاطس بقوله: (يهديكم الله ويصلح بالكم)؛ لحديث أبي هُريرة: (إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم) [البخاري].
وتشميت العاطس فرض كفاية، وهذا مذهب الجمهور؛ لحديث أبي هُريرة: (حق المسلم على المسلم ست) قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: (إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه) [مسلم].
ويرى الشافعي أن تشميت العاطس سنة، ويرى ابن القيم أنه فرض عين؛ لحديث أبي هُريرة: (إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله، فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته) [البخاري].
ورد العاطس فرض عين؛ لحديث: (فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم).

- تشميت العاطس إلى ثلاث، وبعد الثلاث لا يشمت؛ لحديث سلمة بن الأكوع أن النبي ﷺ قال لمن عطس عنده ثلاث مرات: (هذا رجل مزكوم) [صححه الترمذي].

- إذا ترك العاطس الحمد فإنه لا يُذكر؛ لأن رجلا عطس ولم يحمد الله فلم يشمته النبي ﷺ فقال: عطس فلان فشمته، وعطست أنا فلم تشمتني! قال: (إن هذا حمد الله، وإنك لم تحمد الله) [الشيخان].
إلا الغافل والناسي فيذكر.

- الميت يعرف زائره يوم الجمعة قبل طلوع الشمس؛ للآثار والمرائي، هذا المذهب.
ويرى ابن تيمية وابن القيم أن الميت يعرف زائره كل الأوقات؛ لحديث أنس: (إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم) [الشيخان]، ولأننا نُسلم عليهم والخطاب يكون لمن يسمع.
ويرى بعض العلماء أن الأموات لا يعرفون زائرهم، ولا يسمعون كلامهم؛ لآية: {وما أنت بمسمع من في القبور}.
ويتأذى الميت بالمنكَر عنده، وينتفع بالخير.

- يشرع صنع طعام لأهل الميت من غير كلفة؛ إعانة لهم وجبرا لقلوبهم؛ لأنه لما جاء نعي جعفر قال النبي ﷺ: (اصنعوا لآل جعفر طعاما، فقد أتاهم ما يشغلهم) [حسنه الترمذي].

- إهداء القُرب للأموات: أما العبادات المالية كالصدقة عن الميت فينتفع بها بالاتفاق، وكذلك الحج والأضحية عنه والدعاء والاستغفار، بلا نزاع بين الأئمة، كما قرره ابن تيمية.
وكذلك ينتفع بالعبادات البدنية من الصلاة والصوم باتفاق الأئمة، كما قرره ابن تيمية.
لكنه ليس من عادة السلف.

(تم تلخيص شرح كتاب الجنائز، أحسن الله لي ولَك الخاتمة).
- تنبيه: المرجع: زاد الراغب شرح دليل الطالب، للشيخ أحمد الصقعوب.
- تنبيه آخر: حقوق الطبع لكل مسلم.

الأحد، 14 فبراير 2016

اسم الله المولى. #إخاء_سماوي 👌🏻💘

•|☔️|•

إذا فهمت جيدًا أن العطاء والرزق كله بيد الله، وفهمت أن الإيمان جزء من العطايا، وعرفت أنه عز وجل هو الذي يدبّر كل شيء، وأن الإيمان من ضمن الأشياء التي يدبّرها الله عز وجل:
علمت وقتها أن إمدادك بالإيمان على قدر تعلّقك بالرحمن، فإذا تعلّقت به سبحانه وتعالى وطلبت منه أن يرزقك الإيمان ويزيدك ويثبت لك الإيمان في قلبك، سبّب لك الأسباب، ورباّك أحسن تربية.
على قدر تعلّقك بالله،سيعطيك ويثبّت عليك ما أعطاك
أظْهِر لله أن الإيمان وحب الرحمن والاستعداد للقائه والخوف من فوات الخير، كلها أمور تهمك، تخاف أن يضيع عليك إيمانك، هذه المخاوف هي أدلة ضعف العبد وعنايته، علّ الله بهذا أن يرحمه ويُبقي عليه ما رزقه من عطاياه الإيمانية.
أ. اناهيد

درسنا اليوم بإذن الله اسم الله - المولى-💙🌿

فـ بسم الله ()


يطلق لفظ المولى في اللغة على: المعتِق، وعلى المعتَق، وعلى الناصر، وعلى الجار، وعلى ابن العم، وعلى الحليف، وعلى القيِّم بالأمر. والقدر المشترك في هذه الاطلاقات هو القرب.

وحين يطلق (المولى) على الله عز وجل، فإن معناه: القريب من عباده.
وقد ورد اسم (المولى) سبحانه في القرآن الكريم اثنتي عشرة مرة2 ثلاث مرات3 بلفظ (المولى) : في قوله تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الأنفال آي 40) أي أعرضوا عن الإيمان ولم ينتهوا فاعلموا أن الله مولاكم أي ناصركم ومعينكم، فثقوا بولايته ونصرته، نعم المولى فلا يضيع من تولاه، ونعم النصير فلا يغلب من نصره.
ومعنى المولى هنا: سيدكم وناصركم على أعدائكم فمن والاه فاز، ومن نصره غلب. 💚


☔️🎈

وفي قوله تعالى: {فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الحج آية 78) أي وإذا خصكم بهذه الكرامة والأثرة، فاعبدوه وانفقوا مما آتاك بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، وثقوا به، ولا تطلبوا النصرة ولا الولاية إلا منه، فهو خير مولى وناصر.
ومعنى المولى هنا: أي حافظكم وناصركم على أعدائكم والمتولي أموركم دقيقها وجليلها، وهو سبحانه لا مماثل له في الولاية لأموركم والنصرة على أعدائكم .


جلال المولى 🌷
أن موالاته لعبده إحسانًا إليه ، ومحبة له، وبرًا به وجبرًا له، ورحمة لا يتكثر به من قلة ، ولا يتعزز به من ذلة ، ولا ينتصر به من غلبة ،ولا يستعين به في أي أمر وحاجة؛ فولايته عزة، ومنعة، وقوة ، وغنى، ونصرة فهو تعالى:
{ نِّعم المولى ونِّعم النصير}



🍃🌸🍃

من جلاله :
أنه تعالى يولي كل ظالم، ظالمًا مثله ، يسومونهم سوء العذاب، ويأخذون منهم بالظلم والجور، أضعاف ما منعوا من حقوق الله، وحقوق عباده ..


الثمرات ☔️
إن هذا الأسم الكريم يوجب للعبد ولاية الله تعالى ورسوله ، والمؤمنين قال تعالى:
{ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون} 
وقطع ولاية كل من حاد الله ورسوله من الكافرين، والمنافقين، قال سبحانه:
{يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء}
وينبغي للمؤمن أن يراعى الله تعالى فيمن ولاه عليهم ، فيتقي الله بهم.



وفي الختام 💓📬:

لنتدبر هذه الآية بقلوبنا، ونعلم أن الفرج أت لا محالة !💛

وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)

{ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ماقنطوا وينشر رحمته }

 اللهم يامن نشر رحمته على الأرض .. أُنشر رحمتك على الخلق . 

*ناصر القطامي

 "ويَنشُر رَحمتَه "

 يُذهب حزنك يُنفّـس كربك يفرّج همك يشرح صدرك ييسر أمرك يُحقق أملك " وهو الولي الحميد " 

 رغم قنوطك !

 ﴿ وهو الذي يُنزِّلُ الغيثَ من بعد ما قنطوا وينشر رحمته ﴾ تفاءل دائماً💛🌿.. 

 نايف الفيصل.

السبت، 6 فبراير 2016

اسم الله (الغافر ، الغفور، الغفار):" #إخاء_سماوي👌🏻💘

💜

الغفور سبحانه هو الذي يحب أن يغفر وأن  يستر، ويصفح عن الذنوب مهما كان شأنها🌿

  يغفر للمسيء كَرَمًا وإحسانًا، ويفتح واسع رحمته فضلاً وإنعامًا..  حتى يزول اليأس من القلوب وتتعلق في رجائها بمقلب القلوب ..💛


ومن حِكمة الله عزَّ وجلَّ تعريفه عبده أنه لا سبيل له إلى النجاة إلا بمغفرته، وأنه رهينٌ بحقه فإن لم يتغمده بمغفرته فهو من الهالكين لا محالة .. 

نتدارس سويا بمشيئة الله، أسماء الله(الغافر ، الغفور، الغفار) .. 


اسم الله/
(الغفور، الغافر، الغفار) 🌿



* أولاً المعنى اللغوي:

غفر في اللغة أي غطى وستر، وغفر الله لفلان أي ستره وعفا عنه.. وأصل الغفر الستر والتغطية، ومنه المغفر وهو ما يضعه المقاتل فوق رأسه ليستر رأسه، وليقيه الضربات.
ويقال جمع غفير: أي لكثرتهم يستر بعضهم بعضاً. 
والمغفرة من الله تعالى ستر للذنوب وعفوه عنها بفضله ورحمته 


* المعنى في حق الله تعالى:

(الغافر) فاعل من غفر وهو المبالغ في الستر، فلا يفضح المذنب لا في الدنيا ولا في الآخرة. 
و(غفور) للمبالغة كثير المغفرة، أي يغفر و لا يبالي فهو يغفر الذنوب بالجملة و لا يحاسب عليها إذا تكررت.. واسم الله الغفور غالباً ما يقترن باسمه الرحيم، وَقد اقترن به بضع وستون مرة فى القرآن، فمن رحمة الله مغفرته لذنوب عباده وإن كثرت وإن عظمت.
و(الغفار) أشد مبالغة منه، فهو من يغفر الذنوب الكثيرة، وهو مخصص للذنوب الشديدة التي قد لا يتخيل العبد أن الله سيغفرها له.
 

والغفار والغفور سبحانه: هو الذي يستر الذنوب المتجاوز عن الخطايا والعيوب بفضله، مهما كان مقدارها ومهما تعاظمت النفس وتمادت فى جرمها وعصيانها فهو سبحانه يغفر الكبائر والصغائر جميعها.


ثانيًا/ وروده في القرآن الكريم:

١- جاء في القرآن بعدة صيغ منها:
غافر كما في قوله تعالى: (غافر الذنب وقابل التوب) ذُكر في القرآن الكريم مرة واحدة.

٢- الغفور كما في قوله تعالى: (وربك الغفور ذو الرحمة..) ذُكر في القرآن الكريم ٩١ مرّة.

٣- غفار كما في  قوله تعالى : (وإني لغفار لمن تاب..) ذُكر في القرآن الكريم ٥ مرات.



ثمارُ الإيمان بهذهِ الأسماء 💚 :

١- كرم الله لعباده العاصين؛ فهو واسع المغفرة (إن ربك واسع المغفرة)
وهو سبحانه الذي يغفر الذنوب جميعا "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" بل ومن كرمه أن يبدل السيئات حسنات (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رحيمًا) 🌿

 ٢- لا تغتر بستر الله عليك.
كما في الحديث عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ تَعَالى يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ"، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}.
ومعنى(استدراج) أي أخذ بتدريج واستنزال من درجة إلى أخرى،فكلما فعل معصية قابلها بنعمة وأنساه الاستغفار فيدنيه من العذاب قليلاً قليلاً ثم يصبه عليه صباً. 

٣- لا تغتر بإعجاب الناس بك إنما أعجبوا بستر الله عليك.. نعم  إن ستر الله هو المسدل على أعمالنا الصالحة، فلو أن الله سبحانه وتعالى نزع ستره عنا لما جلس معنا أحد ولما آكلنا أحد؛ فالإعجاب بالنفس يأتي من عدم رؤية ستر الله علينا فلو استحضرنا ذنوبنا في عملنا لعلمنا أن نعمة الستر نعمة عظيمة.
سئل ابن عمر هل كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يضحكون؟ قال : نعم والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبال.. وكان الحسن البصري يقول: الحمد لله أنه ليس للذنوب رائحة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( فإذا حسنت السرائر، أصلح الله الظواهر )


٤- أن نستر من غيرنا ما يستره الله من أعمالنا عنهم؛ فلو اطلع أحدنا على معصية لأخيه فلا ينبغي أن يذكرها لأحد، إن تكلم عن ذنبه فقد اغتابه وإن عيره ابتلي به وإن رضي منه هذا الذنب شاركه في الإثم، بل عليه النصيحة والستر.

 ٥- عدم اليأس من رحمته أبدًا؛ فهو يغفر الذنوب الكبيرة ويغفر الذنوب الكثيرة في الحديث القدسي قال الله: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ياابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة)

 ٦- دوام الاستغفار والتوبة السريعة بعد كل ذنب وعدم الإصرار؛ قال تعالى : {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}


وقفة مع قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ) 🌸


يقول تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" 
- هذه الآية هي أرجى آية في القرآن ونلاحظ أن الله عز وجل لم يقل: قل يا عبادي الذين فسقوا، قل يا عبادي الذين زنوا، قل يا عبادي الذين شربوا الخمر، قل يا عبادي الذين قتلوا!
 بل قال: "يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " فيها تلطف فيها ستر لحالهم.

- الأمر الثاني كلمة "قل يا عبادي" 
- هذا العبد العاصي أضافه الله إلى ذاته، تحبباً لعباده وتطميناً وإكراما لهم، يقول لك الله عز وجل: "قل يا عبادي" فمن رحمة الحق عز وجل وحكمته أنه يغفر الذنوب ، ولو أنه جل شأنه أغلق باب التوبة في وجه المذنب لتمادى في ذنوبه وترتب على ذلك هلاكه وهلاك المجتمع بأسره دنيا وآخرة.

وغفران الذنب للمذنب لا يتعارض مع العدالة الإلهية والتي تقتضي  محاسبة كل إنسان وفقا لعمله.
والعلة في ذلك أنه ليس هناك إنسان معصوم من الخطأ والمعصية، وهذا يجعل المغفرة رحمة بالبشرية جمعاء لا بطائفة دون أخرى.
والحق سبحانه وتعالى قد أوضح لنا أنه لا ذنب يعظم عن مغفرته وتتجلى هذه القاعدة في قوله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى  أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ  الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فكلمة جميعا أفادت العموم والشمول، فمهما عظم الذنب، فإن مغفرة الله عز وجل أعلى وأعظم.


كيف نوفق بين آيـة (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ) والآيات التِي تتحدث عن صنفٍ لا يغفر الله لهم؟ 💗

هنالك آيات أخبر الله فيها أن الكفار لا يغفر الله لهم كقوله تعالى :  (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا)

 وغيرها من الآيات وللتوفيق بين هذه الآيات نقول: إن الله عز وجل يغفر الذنوب جميعاً ما دام الإنسان في إطار الإيمان الصحيح به جل وعلا، فإذا كفر بوجود الله عز وجل أو أشرك به فقد خرج عن إطار الإيمان.
ومن الثابت أنه ليس بعد الكفر أو الشرك ذنب، فأعمال الكافر والمشرك ليست محل نظر، لأن  أعماله الصالحة ليست لوجه الله عز وجل فلا يستحق عنها ثواباً، وأعماله الطالحة سينال عقابه عنها في إطار العقاب الأعظم على الذنب الأعظم وهو الكفر أو الشرك.
ولكن ينبغي أن نلاحظ أن حرمان الكافر والمشرك من المغفرة مرتبط باستمرارية كفره وشركه؛ فإذا رجع عن كفره أو شركه، فالحق سبحانه وتعالى يغفر له، وفي ذلك يقول جل شأنه: (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ) 
فالحق سبحانه وتعالى يقابل الرجوع الصادق عن الكفر والشرك بغفران ما قد سلف، وهذه نعمة ورحمة ومغفرة ليس لها حدود.


أقـوالٌ في الاستغفار 🌷:


١- يروى عن لقمان الحكيمِ أنه قال لابنه: (يا بني، عوِّد لسانك: اللهم اغفر لي، فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً).

 ٢- وقالت عائشة -رضي الله عنها- : (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً). 

٣- وقال قتادة: (إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم فالذنوب، وأما دوائكم فالاستغفار).

 ٤- وقال الحسن: (أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقاتكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة).


وردَ في الاستغفار: 🍃

١- روى البخاري من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أن أبا بَكْرٍ الصديق رضي الله عنه قَالَ لِلنَّبِي -صلى الله عليه وسلم- عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي قَالَ : ( قُلِ اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). 

٢- سيد الاستغفار: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) 
قال: ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقنًا بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة. رواه البخاري

٣- وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (كنا نعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة قول: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم) رواه أصحاب السنن. 

٤- و في صحيح مسلم قوله -عليه الصلاة والسلام- في الدعاء يبن التشهد والتسليم: (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت).

٥- وكان -عليه الصلاة والسلام- ينوع في طلب المغفرة، ويعدد الذنوب بأنواعها، فيقول: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطأي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير).


تأملاتٌ في رحاب الاسم الجليل: 💛


* إن اسم "الغفور" من أقرب الأسماء الحسنى إلى المؤمن، لأن المؤمن مذنب تواب، والله عز وجل غفوررحيم يحب التوابين ويحب المتطهرين .

فهو الذي يستر العيوب ويستر الذنوب، مهما بلغ الذنب من الكبر ، ومهما تكرر من العبد وأراد الرجوع إلى الرب، فإن باب المغفرة مفتوح في كل وقت، لأن الغفور هو الذي يقبل ستر الذنب والمسامحة فيه مرة بعد مرة بلا نهاية لأن مغفرة الله بلا نهاية، أما ذنوبنا مهما عظمت أو كبرت فلها نهاية. والله غفور لمن أقبل، غفور لمن تاب، وأناب، غفور لمن أصلح واستغفر، أما أن يقيم الإنسان على معصية وينوي أن يبقى عليها ويقول : إن الله غفور رحيم فهذا من السذاجة والجهل وعدم الفهم.قال تعالى " نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {49} وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ" 

فأول ستره سبحانه على العبد بأن أظهر الجميل وأخفى عن الأعين القبيح، وكم بين باطن العبد وظاهره في النظافة والقذارة، في القبح والجمال. 
وهو سبحانه ستر ما في القلب من الخواطر المذمومة فلا يطلع أحد على ماتكنه الصدور وتخفيه الضمائر، كل خواطرنا محجوبة عن الخلق، لا يعلمها إلا الله.

 

* الستر في الدنيا والآخرة: 
ويوم القيامة يطلع الله العبد على بعض ما ستره عليه من الذنوب فيقرره بها تذكيراً بنعمة الله عليه أن ستره في الدنيا  ففي الحديث عن ابن عمر قال : سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه، تعرف ذنب كذا ؟ يقول : أعرف، يقول : رب أعرف، مرتين؛ فيقول: سترتها في الدنيا، وأغفرها لك اليوم، ثم تطوى صحيفة حسناته.
وأما الآخرون أو الكفار، فينادى على رؤوس الأشهاد: (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين)



* من الذي يفضحه الله ؟
وهو سبحانه الذي يستر الذنوب، فلا يفضح من أول مرة بل يستر مرات ومرات عندما يقع الإنسان بذنب فيغفر له ويستره، ومرة ثانية و ثالثة، وقد تقتضي الحكمة الإلهية أن يفضحه،كما ورد أن عمر بن الخطاب جيء عنده بسارق، وبعد أن أقر بفعلته قال: يا أمير المؤمنين هذه أول مرة، فقال عمر : "كذبت إن الله لا يفضح من أول مرة، فظهرت أنها الثامنة.. "

يفعل بعض الظلمة الجرائم ويبطشون بالناس وهم يظنون أنهم سينجون بفعلتهم لكن الله جل وعلا يمهل ولا يهمل.. فالله عزَّ وجل حينما يفضح فإنما يفضح ليقيم العدل بين عباده ويقتص من الظالم للمظلوم.


في الخِتـام: 


ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- : (أن الله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى، وَلكل اسمٍ من أسمائه أثر من الآثار في الخلق و الأمر)
".. فلو لم يكن في عباده من يخطئ و يُذنب ليتوب عليه، ويغفر له، ويعفو عنه، لن يظهر أثرَ أسمائه الغفور والعفو والحليم والتواب وما جرى مجراها"



وترَكم _ كفارةُ المجلس. 
سلامُ الله عليكم وَرحمتـه وَبركاته 💙🌿

#إخاء_سماوي

"الدعاء عطاء".❤️