الأحد، 22 فبراير 2015

الجزء الأخير من حياة أمُّ سلمة:"💘

ظل أبو سلمة على فراش مرضه أياماً.
وفي ذات صباح جاءه رسول الله ﷺ ليعوده، فلم يكد ينتهي من زياراته ويجاوز باب داره، حتى فارق أبو سلمة الحياة.
فأغمض النبي عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين عيني صاحبه.
ورفع طرفه إلى السماء وقال:
اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المقربين.
واخلفه في عقبه في الغابرين.
واغفر لنا وله يارب العالمين. وافسح له في قبره، ونور له فيه.
أما أم سلمة فتذكرت ما رواه لها أبو سلمة عن رسول الله ﷺ فقالت: 
اللهم عندك احتسب مصيبتي هذه...
لكنها لم تَطب نفسُها أن تقول: اللهم اخلفني خيراً منها؛ لأنها كانت تتساءل، ومن عساه أن يكون خيراً من أبي سلمة؟!
لكنها ما لبثت أن أتمت الدعاء..

حزن المسلمون لِمُصاب أم سلمة كما لم يحزنوا لمُصاب أحدٍ من قبل، وأطلقوا عليها اسم (أيم العرب) والأيم: هي المرأة التي فقدت زوجها
إذا لم يكن لها في المدينة أحد من ذويها غير صبيةٍ صغار كزغب القطا: كفراخ القطا التي لم ينبت ريشها.

شعر المهاجرون والأنصار معاً بحق أم سلمة عليهم، فما كادت تنتهي من حدادها على أبي سلمة حتى تقدم منها أبو بكر الصديق يخطبها لنفسه فأبت أن تستجيب لطلبه.

ثم تقدم منها عمر بن الخطاب فردته كما ردت صاحبه.

ثم تقدم منها رسول الله ﷺ فقالت له:
يا رسول الله، إن في خلالاً ثلاثاً؛ تقصد ثلاث صفات
لأنا امرأة شديدة الغيرة فأخاف أن ترى مني شيئاً يغضبك فيعذبني الله به.

وأنا المرأة قد دخلت في السن.

وأنا امرأة ذاتُ عيال.
فقال عليه الصلاة والسلام:
أما ما ذكرتِ من غيرتك فإني ادعو الله عز وجل أن يذهبها عنك.

وأما ما ذكرتِ من السن فقد أصابني مثل ما أصابك.

واما ما ذكرت من العيال، فإنما عيالك عيالي.
ثم تزوج رسول الله ﷺ من ام سلمة فاستجاب الله دعاءها، وأخلفها خيراً من أبي سلمة.

ومنذ ذلك اليوم لم تبق هند المخزومية أما لسلمة وحده؛ وإنما غدت أما لجميع المؤمنين.
نضر الله وجه أم سلمة في الجنة ورضي عنها وأرضاها..

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

الجزء الثاني من حياة أمُّ سلمة:" 💘

كيف يمكن أن تهدأ لي لوعة أو ترقأ لعيني عبرة وأنا في دار الهجرة وولدي الصغير في مكة لا أعرف عنه شيئاً؟!
ورأى بعض الناس ما أعالج من أحزاني وإشجاني فرقت قلوبهم لحالي، وكلموا بني عبد الأسد في شأني واستعطفوهم علي فردوا لي ولدي سلمة..

لم أشأ أن أتريث في مكة حتى أجد من أسافر معه؛ فقد كنت أخشى أن يحدث ماليس بالحسبان فيعوقني عن اللحاق بزوجي عائق..

لذلك بادرت فاعددت بعيري، ووضعت ولدي في حجري، وخرجت متوجهة نحو المدينة أريد زوجي، وما معي أحد من خلق الله..

وما إن بلغت (التنعيم) حتى لقيت عثمان بن طلحة فقال:
إلى أين يا بنت زاد الراكب؟!
فقلت: اريد زوجي في المدينة
قال: أو معك احد؟
قلت : لا والله إلا الله ثم بني هذا.
قال : والله لا أترككِ أبداً حتى تبلغي المدينة.
ثم أخذ بخطام بعيري وانطلق يهوي بي..
فوالله ما صحبت رجلاً من العرب قط أكرم منه ولا أشرف: كان إذا بلغ منزلاً من المنازل ينيخ بعيري، ثم يستأخر عني، حتى إذا نزلت عن ظهره واستويت على الأرض دنا إليه وحط عنه رحله، واقتاده إلى شجرةٍ وقيده فيها.
ثم يتنحى عني إلى شجرة أخرى فيضطجع في ظلها.
فإذا حان الرواح قام إلى بعيري فأعده، وقدمه إلي، ثم يستأخر عني ويقول : اركبي ، فإذا ركبت، واستويت على البعير، أتى فأخذ بخطامه وقاده.

وما زال يصنع بي مثل ذلك كل يوم حتى بلغنا المدينة، فلما نظر إلى قرية بقُباء لبني عمرو بن عوف قال: زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعاً إلى مكة.

اجتمع الشمل الشتيت بعد طول افتـراق، وقرت عين أم سلمة بزوجها، وسعد أبو سلمة بصاحبته وولده. ثم طفقت الأحداث تمضي سراعاً كلمح البصر.

فهذه بدر يشهدها أبو سلمة ويعود منها مع المسلمين، وقد انتصر انتصارًا مؤزرا.

وهذه أحد يخضوض غمارها بعد بدر، ويبلي فيها أحسن البلاء وأكرمه، لكنه يخرج منها وقد جرح جرحا بليغا، فما زال يعالجه حتى بدا له أنه قد اندمل، لكن الجرح كان قد رم على فساد فما لبث أن انتكأ وألزم أبا سلمة الفراش.

وفيما كان أبو سلمة يعالج من جرحه قال لزوجه: يا أم سلمة، سمعت رسول الله ﷺ يقول: لا يصيب أحداً مصيبة، فيسترجع عند ذلك ويقول:
اللهم عندك احتسبت مصيبتي هذه.
اللهم أخلفني خيراً منها إلا أعطاه الله عزَّ وجل..


انتظروا الجزء الثالث والأخير من قصة وحياة أم سلمة:" لاتفوتوه💘

الثلاثاء، 10 فبراير 2015

أمُّ سلمة ج(١)

أم سلمة، وما أدراك ما أم سلمة؟!
أما أبوها فسيد من سادات مخزوم المرموقين، وجوادٌ من أجود العرب المعدودين؛ حتى إنه كان يقال له: ( زاد الراكب )؛ لأن الركبان كانت لا تتزود إذا قصدت منازله أو سارت في صحبته.

وأما زوجها فعبدالله بن عبد الأسد أحد العشرة السابقين إلى الإسلام؛ إذ لم يسلم قبله إلا أبو بكر الصديق ونفر قليل لا يبلغ أصابع اليدين عددًا.

وأما اسمها فهند، لكنها كنيت بأم سلمة، ثم غلبت عليها الكنية.

أسلمت أم سلمة مع زوجها فكانت من السابقات إلى الإسلام أيضًا.

وما أن شاع نبأ إسلام أم سلمة وزوجها حتى هاجت قريش وماجت، وجعلت تصب عليهما من نكالها ما يزلزل الصم الصلاب، فلم يضعفا ولم يهنا ولم يترددا.

ولما اشتد عليهما الأذى وأذن الرسول صلوات الله وسلامه عليه لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة كانا في طليعة المهاجرين.

مضت أم سلمة وزوجها إلى ديار الغربة وخلفت وراءها في مكة بيتها الباذخ، وعزها الشامخ، ونسبها العريق، محتسبةً ذلك كله عند الله، مستقلةً له في جنب مرضاته.

وعلى الرغم مما لقيته أم سلمة وصحبها من حماية النجاشي نضر الله في الجنة وجهه، فقد كان الشوق إلى مكة مهبط الوحي، والحنين إلى رسول الله مصدر الهدى يفرى كبدها، وكبد زوجها فريًا.

ثم تتابعت الأخبار على المهاجرين إلى أرض الحبشة بأن المسلمين في مكة قد كثر عددهم، وأن إسلام حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب قد شد أزرهم، وكف شيئا من أذى قريش عنهم، فعزم فريق منهم على العودة إلى مكة، يحدوهم الشوق، ويدعوهم الحنين..

فكانت أم سلمة وزوجها في طليعة العائدين
******

لكن سرعان ما اكتشف العائدون أن ما نمي إليهم من أخبار كان مبالغاً فيه، وان الوثبة التي وثبها المسلمون بعد إسلام حمزة وعمر، قد قوبلت من قريش بهجمةٍ أكبر.

فافتن المشركون في تعذيب المسلمين، وترويعهم، وأذاقوهم من بأسهم ما لا عهد لهم به من قبل.

عند ذلك أذن الرسول صلوات الله عليه لأصحابه بالهجرة إلى المدينة، فعزمت أم سلمة وزوجها على أن يكونا أول المهاجرين فرارًا بدينهم وتخلصًا من أذى قريش.

لكن هجرة أم سلمة وزوجها لم تكن سهلة ميسرة كما خيل لهما، وإنما كانت شاقةً مرةً خلفت وراءها مأساة تهون دونها كل مأساة.

فلنترك الكلام لأم سلمة لتروي لنا قصة مأساتها..

فشعورها بها أشد وأعمق، وتصويرها لها أدق وأبلغ.
قالت أم سلمة:
لما عزم أبو سلمة على الخروج إلى المدينة أعد لي بعيراً، ثم حملني عليه، وجعل طفلنا سلمة في حجري، ومضى يقود بنا البعير وهو لا يلوي على شيء.

وقبل أن نفصل عن مكة رآنا رجال من قومي بني مخزوم فتصدوا لنا، وقالوا لأبي سلمة: إن كنت قد غلبتنا على نفسك، فما بال أمرأتك هذه؟!
وهي بنتنا، فعلام نتركك تأخذها منا وتسير بها في البلاد؟!
ثم وثبوا عليه، وانتزعوني منه انتزاعا.

وما إن رآهم قوم زوجي بنو عبد الأسد يأخذونني أنا وطفلي، حتى غضبوا أشد الغضب، وقالوا:
لا والله لا نترك الولد عند صاحبتكم بعد أن انتزعتموها من صاحبنا انتزاعاً..
فهو ابننا ونحن أولى به.
ثم طفقوا يتجاذبون طفلي سلمة بينهم على مشهد مني حتى خلعوا يده وأخذوه.
وفي لحظات وجدت نفسي ممزقة الشمل وحيدة فريدة:
فزوجي اتجه إلى المدينة فراراً بدينه ونفسه.. وولدي اختطفه بنو عبد الأسد من بين يدي محطماً مهيضاً..

أما أنا فقد استولى علي قومي بنو مخزوم، وجعلوني عندهم..

ففُرق بيني وبين زوجي وبين ابني في ساعة.
ومنذ ذلك اليوم جعلت اخرج كل غداةٍ إلى الأبطح، فأجلس في المكان الذي شهد مأساتي، واستعيد صورة اللحظات التي حيل فيها بيني وبين ولدي وزوجي، وأظل أبكي حتى يخيم علي الليل.
وبقيت على ذلك سنة أو قريباً من سنةٍ إلى أن مر بي رجل من بني عمي فرق لحالي ورحمني وقال لبني قوني:
ألا تطلقون هذه المسكينة!! فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها.
وما زال بهم يستلين قلوبهم، ويستدر عواطفهم حتى قالوا لي:
الحقي بزوجك إن شئت.
ولكن كيف لي أن ألحق بزوجي في المدينة وأترك ولدي وفلذة كبدي في مكة عند بني عبد الأسد؟!

السبت، 7 فبراير 2015

حٌّبي لمن؟ د. ريم الباني

لم الحديث عن الحب:

لم أحدثكِ عن الحب يا فرحة القلب ؟!

 لأن الحب ملح الحياة، ولأنه جمال الدنيا وروحها، تأملي حب الأم لأبنائها، حب الزوجين، حب الأخوان، حب الأصدقاء، ولا أحد يملك القدرة على العيش من دونه وقبل الانطلاق لا بد أن تعلمي أن الله عز وجل أحق من تصرف له المحبة، فو الله ما أرى يحل لعاقل ولا يجمل به أن يستوعب سوى حب الله عز و جل الذي سمَّى نفسه الودود سبحانه الذي يُحبُّ أولياءه وأولياءه يُحبونه قال تعالى{ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ } ( ١ )

 النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، تأملي ولله المثل الأعلى لو أن شخص يحسن إليك، بفطرتك ستحبينه وستأتمرين بأمره وستبتعدين عن كل ما يكره، ولا محسن على الحقيقة سوى الله عز وجل، نتقلب في نعم تترى منه جل في علاه، فهل أدينا شكرها حق الأداء !!

قال تعالى { وَجَعَلَ لَكُمُ السمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشكُرُونَ } ( ٢ )

 النفوس إذا أحبت شيئاً تعلقت به، والقلب إذا أحب الله وتعلق به وحده، ونفض عنه غبار التعلق بالمخلوقين، عاش صفي السريرة مرتاح البال، إن أحباء الله هم الذين ورثوا طيب الحياة وذاقوا نعيمها مما وصلوا إليه من مناجاة حبيبهم وربما وجدوا من حلاوة حبه في قلوبهم .

يقول ابن القيم - رحمه الله - :- « المؤمن المحب المخلص لله، من أطيب الناس عيشاً، وأنعمهم بالاً وأشرحهم صدراً، وأسرهم قلباً، وهذه جنة عاجلة قبل الجنة الآجلة، وفي الحديث « أحبوا الله من كل قلوبكم » ( ٣ ) فمتى امتلأ القلب بمحبة الله محا ذلك من القلب كل ما سواه، ولم يبق للعبد شيء من نفسه وهواه، ولا إرادة إلا لما يريد منه مولاه، فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره، ولا يتحرك إلا بأمره، فإن نطق نطق بالله، وإن سمع سمع بالله، وإن نظر نظر بالله».

ولنا في ذلك نماذج مشرفة لقلوب تعلقت بالله ..

- إبراهيم عليه السلام .. إبراهيم سأل ربه أن يهبه ولداً صالحاً فوهبه الله إسماعيل، فأخذ هذا الولد شعبة من قلبه، فغار الخليل على قلب خليله، فجاء وقت الامتحان، قال تعالى ذاكراً ذلك الموقف العظيم لإبراهيم { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى في المنام أَنِّي أَذبَحُكَ فَانظُر مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افعَل مَا تُؤمَرُ ستَجِدُني إِن شاءَ الله مِنَ الصابِرِينَ * فَلَمَّا أَسلَمَا وَتَلَّهُ لِلجَبِينِ * وَنَادَينَاهُ أَن يَا إِبرَاهِيمُ * قَد صدَّقتَ الرّؤيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجزي المحسنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ المبين } ( ٤ )

------------------------------





نجح إبراهيم عليه السلام في الاختبار، وفي موقف عظيم ضرب أروع الأمثلة في الثقة بالله، وصدق اليقين بنصره، حينما كادوا له قومه وأشعلوا النيران، و أعدوا له المنجنيق حتى يلقى على مرأى من الناس، يأتيه جبريل عليه السلام ويقول له :- يا إبراهيم ألك بحاجة ؟ فيقول:- أما منك فلا وأما من الله فنعم ( حسبي الله ونعم الوكيل ) فكان جزاؤه { قُلنَا يَا نَارُ كُوني بَردًا وَسلامَا عَلَى إِبرَاهِيمَ } ( ٥ )

- موسى عليه السلام .. حينما أوحى الله إليه ليلاً بالخروج، فعلم بذلك فرعون فلحق بهم، قال الله { فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعَانِ قَالَ أصحَابُ مُوسى إِنَّا لمدرَكُونَ * قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سيَهدِينِ } فكان جزاؤه { فَأوحَينَا إِلى مُوسى أَنِ اضرِب بِّعَصاكَ البَحرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِ العَظِيمِ } ( ٦ )

- محمد صلى الله عليه وسلم .. { إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} فكان جزاؤه { فَأَنزَلَ الله سكِينَتَهُ عَلَيهِ وأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لم تَرَوهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السفلَى وَكَلِمَةُ الله هِيَ العُليَا وَالله عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ( ٧ ) السؤال المهم .. ما الذي يحول بيننا وبين هذه المنزلة العظيمة ؟!

يقول ابن القيم « اعلم أن القلب إذا خلا من الاهتمام بالدنيا والتعلق بما فيها من مال أو رئاسة، وتعلق القلب بالآخرة والاهتمام بها من تحصيل العدة، والتأهب للقدوم على الله عز وجل، فذلك أول فتوحه وتباشيره، فعند ذلك يتحرك قلبه لمعرفة ما يرضي به ربه، فيفعله ويتقرب به إليه، وما يسخطه عليه فيجتنبه وهذا عنوان صدق الإرادة ».

فأول الطريق للخير هو أن نطرد هذه الدنيا من قلوبنا وتأملي قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث العظيم الذي صححه ابن حبان يقول « إذا أحب الله عبداً حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء » « والدنيا حقيرة لا تساوي عند الله جناح بعوضه ».

قال الله عنها { وَاضرِب لَهُم مَّثَلَ الحياة الدُّنيَا كَمَاءٍ أَنزَلنَاهُ مِنَ السمَاء } ( ٨ ) يقول القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية العظيمة « إنما شبه تعالى الدنيا بالماء لأن الماء لا يستقر في موضع كذلك الدنيا لا تبقى على حال واحدة، ولأن الماء لا يبقى ويذهب كذلك الدنيا تفنى، ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعا منبتا وإذا جاوز المقدار كان ضارا مهلكا وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر »

ويقول تعالى وهي وصية لنا من فوق سبع سماوات { وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ الله الداَّرَ الآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنيَا وأَحسن كَمَا أَحسنَ الله إِلَيك } ( ٩ )

------------------------------

 




يقول عثمان رضي الله عنه « إنما أعطاكم الله الدنيا لتطلبوا بها الآخرة ولم يعطيكموها لتركنوا إليها »

ويقول الحسن البصري رحمه الله « رحم الله أقواماً كانت الدنيا عندهم وديعة، فأدوها إلى من ائتمنهم، ورحلوا من الدنيا خفافاً »

وأبسط مثال على حقارة هذه الحياة الدنيا، وأنها عند الله ليست غالية ولا عزيزة أنها تنتهي بنفخة يقول تعالى: { وَنُفِخَ في الصورِ فَصعِقَ مَن في السمَاوَاتِ وَمَن في الأَرض إِلَّا مَن شاءَ الله } ( ١٠ )



~~~>>>


١ المائدة : ٥٤

٢ السجدة : ٩

٣ سنن البيهقي ( ٢/ ٥٢٤، ٥٢٥ )

٤ الصافات : ١٠٢ - ١٠٦

٥ الأنبياء : ٦٩

٦ الشعراء : ٦١ - ٦٣

٧ التوبة : ٤٠

٨ الكهف : ٤٥

٩ القصص : ٧٧

١٠ الزمر : ٦٨



ص٦٣،٦٢،٦١ 

الفصل الخامس: حبٌّي لمن؟

من كتاب فرحة القلب أنتِ لـ د. ريم الباني💜🌱

اسم الله الجبّار لعلي الفيفي..

من معاني اسم الجبّار : الذي يجبر أجساد وقلوب عباده .. الذي يمدّهم بمراهم الصحة وضمادات السعادة .. ومسكّنات الأوجاع .. ومضادّات الهموم ..

وسنبحر في هذه المقالة سويّاً مع هذا المعنى العظيم .. لهذا الاسم الجليل ..

لأنّه سبحانه علم أن كسوراً ستعتري عباده في أبدانهم وقلوبهم وحياتهم .. كسوراً تترك ندوبها على جباههم ، وآثارها على أرواحهم .. لذلك تولّى جبرها برحمته .. وسمّى نفسه بالجبّار .. ليعلم عباده أنّه هو القادر على جبرها فيلتجئون إليه ..

انكسارات الحياة عديدة !

حادث تتكسّر فيه العظام ، إهانة تتحطّم منها النفس ، فقر تنحني معه الروح ، مرض تنهار عنده القوى ، عقدة تحاصر الطموح ، رُهاب يخنق عفويّتك ، كُره تتمرّد معه أحاسيسك ، ظروف تجعلك تنكّس رأسك !

وبقدر هذه الانكسارات تتفتّح أبواب السماء بضمادات الرحمة ومجبّرات الودّ !

كم من يتيم تكسّر نفسه نظرة صاحبه المتغطرس .. ولولا الجبّار لانشرخت نفسه للأبد ..

وكم من ضعيف صفعته الحياة بيد أحد الأقوياء .. لولا الجبّار لظلّ منحني الرأس طول الحياة ..

وكم من فقير أذلّته كلمة قالها أحد الأثرياء .. لولا الجبّار لبقيت تلك الكلمة وصمة يعيّر بها طيلة عمره ..

يجبر الكسير .. ويساعد الضعيف .. ويرفع من شأن الصغير .. ويقدّم المتأخر .. تضمّد رحماته جراح النفوس ..

التحليليّون من علماء النفس يزعمون أنّ الكبت يولّد العقدة ، والعقدة تترك آثاراً عميقة في النفس ، مما يجعل تلك الآثار تظهر في تصرفات صاحبها وفي انفعالاته .. ويزعمون أن من عانى قسوة الأب فإنّه يتحوّل إلى نسخة شبه مطابقة وكأنّه ينتقم من أبيه في أبنائه ! يزعمون أنّها آثار خالدة في النفس .. من المستحيل أو شبه المستحيل أن تفارق صاحبها ..

ومع هذا نعرف نحن أشخاصاً عانوا من قسوة آبائهم ومع ذلك خرجوا غاية في الرحمة ..

عانوا من سخرية أقرانهم .. ومع ذلك صاروا متميّزين ناجحين ..

عانوا من الأنيميا .. والسل .. وحساسية الصدر .. وكبروا فصاروا أصحاء أقوياء ..

أين تلك العقد .. وأين آثار تلك الأمراض ؟ لقد جُبرت .. لقد أخفتها ضمادات الرحمة .. لقد قدّر الجبار أن تختفي ..

شُرع لنا أن نقول بين السجدتين : " اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واجبرني .. "

( واجبرني ) وكأننا نتكسّر في اليوم كثيراً فنجتاح أن يجبرنا الله كثيرا ..

قبل حوالي ثمانية عشر سنة ماتت ابنة أختي الوحيدة بين يديها ، صرخت صرخة اختناق سمعتها من الغرفة المجاورة ، كانت الصرخة الأخيرة ! ، فدخلتُ على أمّها قبيل الفجر وفي قلبها من الحزن والانكسار ما نمّت عيناها وتنهداتها به ..

فدلَلْتها على الدعاء الوارد " اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها" فقالت ذلك الدعاء وصوتها يتهدّج من وقع المصيبة .. فارتفعت كلماتها المنكسرة إلى من يجبر كسر عباده فعوّضها عن ابنتها اليوم  ببنين وبنات رزقها الله برّهم وأفضل عليها وعلينا من عطاءاته ..

إذا التهبت نفسك .. إذا احترقت أحلامك .. إذا تصدّع بنيان روحك فقل : يا الله ..

في العام الفائت التقيت طالباً لديه عُقدة في لسانه ، لا يكاد ينطق بكلمة دون أن يعيدها عدّة مرات ! أمسكته ونصحته أن لا يسجد سجدة لله إلا ويدعو : واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ..

التقيته هذه السنة فإذا به كأفصح ما يكون .. سألته _ وقد نسيت نصيحتي _ عن السبب .. فقال : دعاء : واحلل عقدة من لساني !

لقد حلّ الجبار تلك العقدة ..

إنّه الجبّار .. ما من أسى إلا وهو رافعه ، وما من مرض إلا وهو شافيه ، وما من بلاء إلا وهو كاشفه ..

تتزاحم الآلام في قلب العبد حتى ما يظن أنّ لها كاشفة ، فإذا بالجبّار يجبر ذلك القلب .. وبعد أشهر ينسى العبد كل آلامه وأوجاعه لأن الله لم يذهبها فحسب ..بل جبر المكان الذي حطّمته .. فعاد كأن لم يتهشّم بالأمس ..

يجبر القلوب والعظام والنفوس ويداوي الجراح يكفكف الدموع سبحانه ..

إذا رضّتك الهموم ، وغشيتك الكروب.. فلا تطل البكاء .. سجّادة توجّهها إلى القبلة .. تقضي على تلك الهموم والكروب في لحظات ..

جلس بانكسار بعد صلاة المغرب يستغفر الله ، جيبه خاوٍ إلا من ريالات لا تصنع أمام احتياجات الحياة شيئا .. يكاد الناظر إليه من بعيد يدرك مدى الفاقة ، وكميّة الخدوش المتناثرة في نفسه .. ولكن الجبار كان ينظر إليه من أعلى سماواته .. فما كتب عليه تلك الليلة أن ينام إلا وقد سدّ فاقته بما لم يكن يتوقّعه أو يتخيّله .. 

يحبّك سبحانه مبتسماً ، فيصنع من جميل أقداره ما يعين ثغرك على الافترار .. ويجعل الابتسامة تطرد ملامح الكرب عن وجهك ..

إذا رأيت منكسراً فاجبر كسره .. كن أنت الذي يستخدمك الله لجبر الكسور .. لا تنم وجارك جائع ، لا تضحك وأخوك يبكي ، لا تنعم بدفء بيتك وهناك من هدهدت رياح الشتاء أبدانهم الضعيفة ..

يقول أحدهم : رأيت عجوزاً تدفع عربة بقرب الحرم مليئة بالحاجيّات ، كانت السنوات قد شقّقت جلدها بما فيه الكفاية .. رأى فيها أمّه .. فبكى كل شيء فيه .. وكان آخر ما بكى عيناه .. أخرج كل ما فيه جيبه ودسّه في يدها ونفسه تكاد تسقط من الحزن على تلك المسكينة ..

يقول : لم يدر بخلدي أني أتكرّم عليها .. أو أن الشكور الحميد سيشكرني .. كنت فقط أرتق شرخاً جلبته صورتها المنكسرة في نفسي .. ولم أفلح !

لم يمض ذلك الشهر إلا وأضخم مبلغ يحصل عليه في حياته مودع في حسابه البنكيّ !

لن يدعك الله تجبر كسور الضعفاء ثم لا يشكرك .. فهو الشكور الحميد..

 

كن بلسماً إن  كان دهرك أرقـمـا      وحلاوة إن صــــــار غيرك علقما

 

كن النافذة التي يتسلل منها الهواء الشفيف على النفوس التي خنقتها أدخنة الحياة الصعبة .. تخلّق بخلق الجبر .. كن اليد العليا ..

يزور النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي المريض ..

يكنس عمر بن الخطاب بيت العمياء ويطبخ لها طعامها ..

يموت عبد الله بن المبارك فيفقد الفقراء تلك الأرزاق التي كانت توضع عند أبوابهم قبيل الفجر .. فيعلمون بعد موته أنّها منه!

يموت أعدى أعداء ابن تيمية فيبشّرونه بذلك ، فيغضب ويذهب مباشرة إلى أهل وأبناء الميّت ويعزيهم ويقول لهم : أنا كوالدكم .. لا تحتاجون شيئاً إلا وأخبرتموني ..

كانوا منشغلين بالمهمّة العظيمة .. مهمّة جبر القلوب المنكسرة .. كان الله يستخدمهم لذلك الشرف العظيم ..

أخبرني صاحبي وقد كان طالباً في جامعة أم القرى أنّه وفي طريقه إلى الجامعة لقي معتمراً يسأله عن مركز الشرطة ، أخبره صاحبي أنّه مستعجل فموعد مادّة النقد قد شارف على البدء والتي كان الأسبوع القادم هو موعد الاختبار (الصعب ) فيها .. ومع ذلك فقد أركبه ليقرّبه من وجهته .. وفي السيارة أخبره أنه وقبل ثلاثة أيام فقد في الحرم محفظته وجوّاله وجواز سفره وكل ما يثبت شخصيّته .. أصبح مجهول الهويّة ، لا يستطيع الأكل ولا المبيت ولا التواصل مع أحد !! .. قال ذلك المعتمر لصاحبي : لقد تعتبت _ وعند هذه الكلمة بالذات أجهش بالبكاء _ ثلاثة أيام وأنا أشخذ الناس وأنام في الشوارع .. كان منكسراً بدرجة كبيرة ..

يقول صاحبي إنّه واساه ، وذكّره بالله ، وقال له : إنّ الله لم يُفقدك هذه الأشياء في الحرم حتى تذل لغيره .. فقط اسجد له واطلبه وسوف يحبوك .. ثم أعطاه ثلاثة وثمانين ريالاً .. هي كل ما وجده في جيبه .. وأنزله وقد رأى ملامح الابتسامة على ثغره ..

بعد أسبوعين ظهرت درجة اختبار "مادّة النقد" والذي لم يحلّ فيه أي فقرة لصعوبته ، وقد وطّن نفسه للرسوب فيها لأنه يستحق فيها الصفر ! فإذا بها ثلاث وثمانين درجة من مئة !

نعم .. أشياء كلّما حاولت أن تنكر وجودها .. ظهرت بشكل أوضح وأصرح .. كلما قررت ألا تسمعها صرخت بصوت أكثر إذهالا وإدهاشاً .. إنّه الله يا صاحبي إنه الله ..

لمّا استعمله الله في جبر كسر ذلك المعتمر شكره ..

كانت جدران السجن الرماديّة وسوط الجلاد وسنين العذاب ترهق كاهل سيّد قطب .. فينام والكرب واقف عند رأسه .. فيرسل إليه الجبّار رؤيا .. ينفض بها كل تلك الخرافات .. فيستيقظ ولا حقيقة في نفسه إلا الجنّة .. فتشغله الجنّة وذكراها عن تأمّل أوجاع روحه وجسده .. فيكتب رسالته لأخته حميدة " أفراح الروح" ... يكتب عن أفراح الروح والسياط تنقش على ظهره عروق الدماء .. ولكن رؤيا تجعل كل شيء برداً وسلاماً ..

فالزم يديك بحبل الله معتصماً            فإنّه الركن إن خانتك أركان

إذا طرقوا أبواب الملوك .. فاطرق أنت باب الملك الأعظم

إذا وقفوا بذل فوق ساحة أمير .. فقف أنت بساحة الإله الأكرم

إذا سافروا من مستشفى إلى مستشفى .. فقم بالليل وقل : يالله ..

بيده مفاتيح الفرج .. الشفاء له خزينة عظيمة القدر والحجم .. أتعلم أين هي تلك الخزينة ؟ إنها عند الله .. " وما من شيء إلا عندنا خزائنه"

السعادة كذلك لها خزينة ..

الرضا .. الراحة .. الأمان .. أتترك من بيده ملكوت كل شيء .. وتنصرف إلى عبد  لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّا ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا ؟

وإن كان ملكاً أو أميراً أو وزيراً ..

كم هو مضحك أن يترك زائر الملك الانشغال بالحديث مع الملك ليدخل إلى حجرة الخادم ويتحدّث إليه ..

نحن نفعل ما هو أكثر إضحاكاً من هذا حين نترك مناجاة الملك سبحانه وطلبه ما نريد ونذهب في رحلة علاجيّة إلى واشنطن أو انجلترا ونعود بعد أشهر معنا الخيبة والخسارة وتابوت فيه ميّت !

عش أياما مع الجبّار .. أمرّ هذا الاسم على جروحك .. اجعله البلسم لعذابات روحك .. أيقظ به أزاهير الفرح في نفسك .. اصنع بتأملاتك فيه شمس حياة .. تقضي على مكروبات الخواء الذي كنت تعيشه ..

ينزل رسولنا صلى الله عليه وسلم من الطائف محمّلا بقدر عظيم من الحزن والحرقة والانكسار .. بعد أن أدمى صبيان الطائف عقبيه الشريفتين بالحجارة .. يراه ملك الملوك .. ملك الدنيا والآخرة .. يراه حبيبه سبحانه .. يرى قلبه المكتظ بالآهات .. فيرسل جبريل معه ملك الجبال .. لينهي تلك الحُرَق .. يرسله في مهمّة خاصة .. مهمّة تتعلق بدكدكة الجبال الراسية ..

فينظر ملك الجبال إلى مكة التي تسبب أهلها في خروجه وتعرّضه لكل تلك الآلام فيقول : أمرني الله أن أمتثل لأمرك يا محمد .. فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت ..

إذا أراد أن يجبر كسرك .. أهلك مدينة بأكملها لأجلك ..

ولكنّ محمداً عليه الصلاة والسلام يستأني بهم ويعفو عنهم ..

عندما لذعت السخرية بسياطها الحارقة قلب نوح .. نظر إلى السماء ودعا ربّه : إني مغلوب فانتصر .. ففتح الملك سبحانه أبواب السماء بماء منهمر ..أغرق الكرة الأرضية لأجل نوح عليه السلام ..

هل يستطيع غير الله أن يجبر كسور الروح بمثل هذا ؟

بعض الأشخاص يظنون أن من مهماتهم تدميرك ..

السخرية بك ..

إظهارك بحجم صغير جدّاً أمام رفاقك ..

لولا الجبّار لطحنتك مكائدهم ..

يدخلون إلى عينيك ويسرقون أجمل أحلامك ..

وكلما انتزعوا حُلماً ، خلق الله لك حلما أجمل ..

وقد زوّد الجبار حياتنا بمجبّرات ومضمّدات وأدوية .. نعلم بعضها ، ونجهل أكثرها خلقها وأودعها في كونه لأجلك .. حتى تبتسم ، وتعيش حياة كريمة .. حتى تتفرّغ لعبادته ..

تلتئم جروحنا عندما نتعاطى الدواء الناجع لها .. وعندما نأكل الطعام الصحّي .. وعندما نشرب الماء النقي ..

تصحّ أرواحنا لمّا نرى الابتسامة في أوجه الآخرين .. وحين نشعر بأكفّهم تربت على أكتافنا .. وعندما نسمع الكلمة الطيبة ..

نتجاوز عقدنا عندما نصادف قلباً ينبض بحبّنا .. ويدا تمتدّ لمساعدتنا .. وفنجان قهوة نرتشفه بمعيّة من نقدّر ..

هناك أشياء تلتئم في داخلنا عندما ننظر للطبيعة الجميلة .. ونسمع خرير الماء .. ونحدّق في العصفور وهو يُطعم فراخه ..

الصلاة تردم هوّة اليأس في أرواحنا .. وسبحان ربي العظيم تخلق فرحاً نجد طعمه في ألسنتنا .. وسبحان ربي الأعلى تحلّق بنا حول العرش ..

دعوات الوالدة دفء في شتاء الحياة .. وزيارة الصديق متعة في صخب العيش .. وسؤال الجار عنك يلوّن لوحة نفسك الرماديّة ..

عصير البرتقال يجبرك على الابتسامة .. وقطعة الحلوى التذاذ خاص .. والحمّام الدافئ شعور بانحسار الأتعاب ..

الحياة مليئة بالمجبّرات .. وربنا يريدنا أن نسعد .. أن نبتسم .. أن نحيا حياة جميلة

أخيرا : ما الذي يبطّئك عن الله ؟

ما الذي يجعلك تتأخر في الانضمام لركب الأوّاهين الأوابين .. الذين يتغنّون بكلامه في جوف الليل ..

شكل الجنين في بطن أمه قريب جدا من شكل الساجد لله !

فكن في حياتك ساجداً كما كنت في بطن أمك .. يكفيك الله رزقك ويجعل أضيق الأماكن أهنأها .. ويحيطك برحمته .. 

كن ساجداً بقلبك .. وإن رفعت رأسك ..

قل بنبضاتك : سبحان ربي الأعلى .. وإن كنت ضاحك الثغر ..

اهمس بشرايينك : يا جابر المنكسرين اجبر كسري .. ثم تأمّل في المعجزة وهي تشكّل روحك من جديد ..

"الدعاء عطاء".❤️