الاثنين، 2 مايو 2016

سرعة انقضاء العمر . 💔

تمر الأيام وتتوالى السنون ونودع رمضاناً من الرمضانات ويأتينا رمضان آخر وما بين الرمضانين نودع أحبة لنا أعزاء على قلوبنا.

فكم في هذه الفترة من عزيز فارقناه؟ وكم من صديق شيعناه؟ وكم من حبيب في قبره وضعناه؟

ثم نعود إلى بيوتنا فنأكل ونشرب ونفرح ونمرح فلا عين تخشع ولا قلب يخضع, ولا رجل إلى ربه يرجع!

ما بال هذه القلوب؟

ما بالها قد قست؟ قلوب أشبه بقلوب بني إسرائيل إلا من رحم ربي الذين قال الله فيهم(ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو اشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار)

أراد رب العزة تبارك وتعالى أن يبين للناس أن من الحجارة ما هو ألين من القلوب فقال جل وعلا: (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله)

أمن الحجارة لما يهبط من خشية الله؟! نعم

انظر إلى موسى كليم الله حينما قال:(رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا) هبط الجبل من خشية الله.

وحينما رأيت القلوب قد قست, والعيون قد جفت, والنفوس قد غفلت, والمعاصي قد ارتكبت, والمحارم قد انتهكت, ورأيت الناس على الدنيا قد تكالبوا, وفي الآخرة قد زهدوا, وبطول الأمل قد أملوا, وعن الموت قد انشغلوا, رأيت أن أذكركم بما أنتم عنه غافلون, ولكنكم لا محالة إليه قادمون وله ذائقون.

 

عبد الله ! أيها العبد الضعيف, ألم تعلم أن الله عز وجل حينما خلق الدنيا فضحها بالموت؟!

ألم تعلم أن الله تبارك وتعالى قصم بالموت رقاب الجبابرة, وكسر بهظهور الأكاسرة, وقصر به آمال القياصرة حتى جاءهم الوعد الحق فأرداهم في الحافرة!! فنقلوا من القصور إلى القبور, ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود, ومن التنعم بالظلل والريحان إلى مقاساة الهوام والديدان!! ومن التلذذ بالطعام والشراب إلى التجندل في التراب, ومن مؤانسة الإخوان والأصحاب إلى المكوث في القبور والخراب!!

فانظر هل وجدوا من الموت حصنًا  وعزًا.. أم اتخذوا من دونه حجابا وحرزاً, وانظر (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا)

 

أين العظماء؟ أين الأغنياء؟ أين الملوك وأبناء الملوك؟ أين الجبابرة؟ أين المتكبرون؟ أين أصحاب العمارات والتجارات أين هم؟

 

أتيت القبور فناديتها

فأين المعظم والمحتقر

وأين المدل بسلطانه

وأين العظيم إذا ما افتخر

تفانوا جميعا فما مخبر

وماتوا جميعا ومات الخبر

فيا سائلي عن أناس مضوا

ألا لك فيما مضى معتبر..

 

نظرة في أهلك وخلانك و أصدقائك وجيرانك..

كم من رجل كنت تؤاكله وتشاربه, وتحادثه وتجالسه, فاختطفه الموت من بين يديك؟!

فذهب وتركك وفي القبر جلس ينتظرك.

فها هو ماكث فيها وأنت على ظهرها باق, ولكنك ستدركه لا محالة.

لكنني أريد منك أختِ الحبيبه نظرة المتفحص, لو اطلعت على صديقك هذا في قبره وقد سالت مقلته على عينه, وأكل التراب والدود لحم وجهه, فتفرقت عظامه, وتقطعت أوصاله,(لو أطلعت عليهم لوليت منهم فرارًا ولملئت منهم رعبا)

انظري كيف رملوا نساءهم, وأيتموا أطفالهم, وخلت منهم مساجدهم!!

كانوا يصلون معنا كما نصلي, فخلت منهم مساجدهم, وفقدتهم مجالسهم.

وخلت منهم بيوتهم وأنت عما قريب لاحق بهم, ومجاورهم في قبورهم, ومشاركهم في وحدتهم, وموافقهم في وحشتهم!!

قال تعالى(كل من عليها فان* ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)

فلا تظن أيها المغرور أن الموت يأخذ غيرك ويتركك!

وقال تعالى(كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون)

ورغم إيماننا بالموت وسكرته, والقبر ووحشته, والدنيا وفنائها, والآخرة وبقائها؛ إلا أننا نركن إلى الدنيا ونطمئن إليها.

**************

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما مصلاه, فرأى أناسا يكثرون, فقال: (إما إنكم لو أكثرتم ذكر هادم اللذات لشغلكم عما أرى, أكثروا ذكر هادم اللذات, فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه, يقول أنا بيت الغربة, أنا بيت الوحدة, أنا بيت التراب, أنا بيت الدود والهوام)

 

يا عبد الله جدير بك أن تعد نفسك مع الموتى, وأن تحسبها في أصحاب القبور؛ فإن كل ما هو آت قريب(إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين)

 

عبد الله!! كم تزن في هذا الكون؟ أنت ذرة من ذرات هذا الكون.. هذه الأرض كلها لاتزن في السماء الدنيا شيئا, فأنت تعلم أن المشتري أكبر من الأرض, وأن الأرض والمشتري وزحل وعطارد وغيرها تدور حول الشمس, والشمس ومجموعات أخرى يدورون حول مجرة أخرى.

وهذا كله في سماء واحدة هي السماء الدنيا, فماذا تزن في كون الله؟

عبد الله كم ستعيش؟ مائة سنة؟ ثم ماذا؟

عبد الله الدنيا ساعة, اجعلها طاعة, النفس طماعة, علمها القناعة!!

 

(سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا انت نستغفرك ونتوب إليك)

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

"الدعاء عطاء".❤️