الثلاثاء، 14 يونيو 2016

أحكام الدورة الشهرية :

[الدرس الأول]

(باب الحيض)

- الدماء الخارجة من المرأة ثلاثة:
حيض، ونفاس، واستحاضة.

- الحيض لغة: السيلان.
واصطلاحا: دم طبيعة وجبلة يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة.

الحكمة من الحيض:
أنه يتعلق به عدد من الأمور، كالعدة، والطلاق، والإحداد، ونحوها، فهو علامة على المدة التي تقضيها المرأة.
والحيض علامة على براءة الرحم من الحمل عند الجمهور، خلافا لابن تيمية.

- الأصل في الحيض: الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل: هو أذى...}، وأما السنة فقد جاءت أحاديث كثيرة، ومدارها على أربعة أحاديث وهي: حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وأم حبيبة، وحمنة بنت جحش، وأم سلمة.

- النفاس: هو دم يرخيه الرحم حال الولادة أو قبلها بزمن يسير.
والنفساء لها حكم الحائض في الجملة، وحكاه إجماعا ابن جرير.

- الاستحاضة: دم يخرج من عرق يقال له: العاذل.
والمستحاضة: هي من ترى دما لا يصلح أن يكون دم حيض ولا نفاس.
والمستحاضة لها حكم الطاهرات على الصحيح، إلا في ثلاث مسائل ستأتي بإذن الله.

- لا حيض قبل تمام تسع سنين، ولا بعد الخمسين؛ لأنه لم يثبت أن امرأة حاضت دون التاسعة، ولقول عائشة: (إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض) [الألباني: لم أقف عليه]. وهذا هو المذهب.
والقول الثاني: أنه لا حد لأقل سن تحيض فيه المرأة ولا لأكثره؛ فمن رأت دما على صفة دم الحيض وهيئته ووقته فرأته قبل التسع، أو رأته بعد الخمسين منضبطا بوصفه وهيئته ووقته، فلها أحكام الحائض، وهذا مذهب أبي حنيفة، ورأي شيخ الإسلام؛ لأن الله علق الأحكام على وجود الدم ولم يحدد سنا معينة، ولا دليل على تحديد السن؛ كما أن الله حدد نهاية الحيض باليأس وليس بالسن {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم}.

-(هل تحيض الحامل)؟
يرى الجمهور أن الدم حال الحمل هو دم فساد، تصلي وتصوم؛ لقول عائشة: (إن الحبلى لا تحيض) [صحح إسناده الألباني].
ويرى المالكية والشافعية وهو رأي شيخ الإسلام وابن عثيمين أن الحامل تحيض؛ لأنه وجد ذلك، ولا مانع منه شرعا، بشرط أن يكون له أوصاف دم الحيض وفي وقته، أما إذا اضطرب فهو دم فساد؛ أي: استحاضة لا حيض.

[الدرس الثاني]

- أقل الحيض: يوم وليلة، فما كان دونه فهو دم فساد، وأكثر الحيض: خمسة عشر يوما، فما زاد على ذلك فهو استحاضة، ولو كان على صفة دم الحيض وهيئته، وغالب أيام الحيض: ست أو سبع، هذا المذهب.
ويرى الإمام مالك والشافعي، وهو رأي شيخ الإسلام أنه لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره، فمن رأت الدم أقل من يوم وليلة فهو حيض، وكذا لو رأته أكثر من خمسة عشر يوما، لكن بشرطين:
أ) أن يكون على صفة وهيئة دم الحيض.
ب) أن يكون هذا عادة مستمرة لها.
وهذا هو الراجح؛ لأنه لا يصح في التحديد دليل، بل كلها باطلة، كما يقول ابن رجب، ولا يقتضيه قياس، كما يقول ابن القيم.
وأما الدماء المضطربة في صفتها ولونها وهي أقل من يوم وليلة، أو أكثر من خمسة عشر يوما، فهي دم علة وفساد لا دم حيض.

- إذا استمر الدم مع المرأة دائماً فإنه ليس بحيض؛ لأن المرأة تطهر تارة، وتحيض تارة، ولكل من الحالين أحكام.
والغالب أن المرأة تحيض ستة أيام أو سبعة؛ لحديث حمنة: {فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي} [صححه البخاري]. وقد تطول المدة قليلا أو تقصر عن الغالب، وما دام أن الدم على صفة دم الحيض فهي حائض.

- الصحيح أن أقل الطهر بين الحيضتين لا يحدد بثلاثة عشر يوما، بل متى طهرت المرأة طهرا صحيحا فهي طاهر، ثم لو رأت دم الحيض بعد ذلك فهي حائض؛ فالحكم معلق بدم الحيض وليس بالأيام، والطهر هو انقطاع الدم إما بالجفاف، أو القصة البيضاء؛ والدليل هو حديث: (إذا أقبلتْ حيضتُكِ فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنكِ الدم ثم صلي) [رواه الشيخان]. وهذا القول هو رأي شيخ الإسلام وابن عثيمين.
- لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين، فبعض النساء تجلس شهرين أو ثلاثة لا تحيض.

[الدرس الثالث]

-(المحرمات بالحيض):
١) الوطء في الفرج؛ لآية: {فاعتزلوا النساء في المحيض}، ولحديث: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) [رواه مسلم]، وللإجماع.
- مباشرة الحائض والاستمتاع بها فيما دون الفرج له حالان:
أ) مباشرتها فيما فوق السرة أو تحت الركبة، مثل: تقبيلها ونحوه: فهذا جائز بالإجماع، كما حكاه ابن قدامة.
ب) مباشرتها فيما بين السرة والركبة: فهذا جائز على الراجح، ولا يحرم عليه إلا الجماع في الفرج؛ للأدلة السابقة، وهذا مذهب جمهور العلماء.

٢) الطلاق، فتطليق الزوجة الحائض حرام عند الجماهير، وحكي إجماعا؛ لآية: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة} أي: مستقبلات لعدتهن، وهذا لا يكون إلا في طهر لم يجامعها فيه، ومذهب الأئمة الأربعة:
أن الطلاق في الحيض يقع مع تحريمه، ويؤمر بالمراجعة.
والقول الثاني: أنه لا يقع، ورجحه شيخ الإسلام وابن باز؛ لأنه طلاق بدعي، وفي الحديث: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).

٣) الصلاة؛ لحديث: (إذا أقبلتِ الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي)؛ ولأن الصلاة يشترط لها الطهارة وإزالة النجاسة، والحائض غير قادرة عليهما. وهذا بالإجماع.

٤) الصوم؛ لحديث: (أليس إذا حاضت لم تُصل ولم تصم؟)، وهذا بالإجماع.

٥) الطواف؛ لأن عائشة لما حاضت قال لها النبي ﷺ: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري). لكن إن اضطرت الحائض للطواف، مثل: من بقي عليها طواف الإفاضة وستخرج رفقتها إلى بلدهم، ولن ينتظروها حتى تطهر، فهذه لها الطواف بعد أن تتحفظ، كما رجحه شيخ الإسلام وابن عثيمين.

٦) قراءة القرآن، عند الجمهور وهو المذهب؛ لحديث ابن عمر: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن).
والقول الثاني: أنه يجوز للحائض قراءة القرآن من وراء حائل، وهذا مذهب مالك ورأي شيخ الإسلام وابن باز، وهو الأقرب؛ لعدم الدليل الصحيح، وأما حديث ابن عمر السابق فهو ضعيف؛ ولأن قياس الحائض على الجنب مع الفارق.

٧) مس المصحف؛ لأن مس المصحف يشترط له الطهارة عند الجماهير؛ لحديث عمرو ابن حزم: (لا يمس القرآن إلا طاهر)، فإما أن تقرأ من حفظها، أو من المصحف من وراء حائل.

٨) اللبث في المسجد، وهذا قال به الأئمة الأربعة ورجحه ابن باز؛ لقول أم عطية: (فأما الحيض فيعتزلن الصلاة)، ولحديث: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري).

٩) المرور في المسجد مع خوف تلويثه لا يجوز، وإن أمنت ذلك كأن تكون لبست شيئا فلا بأس؛ لقول النبي ﷺ: (ناوليني الخُمْرة، من المسجد).

[الدرس الرابع]

يُوجب الحيض ثلاثة أشياء:

١) الغسل، فعلى المرأة إذا طهرت بعد الحيض -وذلك بانقطاع الدم- أن تغتسل؛ لآية: {ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}.
والإجماع منعقد على وجوب الغسل بعد الطهر.

٢) البلوغ، فالحيض علامة على بلوغ المرأة، وإذا حاضت أصبحت مكلفة كسائر المكلفات إذا كانت عاقلة، ولو كانت بنت تسع سنين؛ لحديث: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) أي: لا يقبل الله صلاة المرأة التي تحيض إلا بخمار.

٣) تجب الكفارة بالوطء في أثناء الحيض، مع الإثم على الرجل، وكذا المرأة إن طاوعت، وهذا المذهب؛ لحديث ابن عباس عن النبي ﷺ في الرجل يقع على امرأته وهي حائض قال: (يتصدق بدينار أو نصف دينار).
ويرى الجمهور أنه يتوب ولا كفارة عليه لأن حديث ابن عباس معلول بالاضطراب.
واختار شيخ الإسلام وابن عثيمين أنه يؤمر بالكفارة من غير إيجاب؛ خروجا من الخلاف؛ ولأنه رأي ابن عباس.
والراجح أن من جامع الحائض وهو ناسٍ أو جاهل أو مكره فلا شيء عليه. وكذلك المرأة.

- كفارة الجماع أثناء الحيض:
إما دينار، أو نصف دينار، على التخيير.
والدينار يساوي مثقالا من الذهب، والمثقال يساوي ٤،٢٥ جراما، فينظر كم يساوي من الذهب ويخرج مقابله، للفقراء والمساكين.

- الأحكام التي تباح إذا انقطع الدم وقبل أن تغتسل المرأة هي:
١) الصوم، فلو خرج الفجر على امرأة طهرت من الحيض لكنها لم تغتسل فصومها صحيح.

٢) الطلاق، فمن طلق زوجته بعدما طهرت وقبل الاغتسال فالطلاق صحيح جائز.

٣) اللبث في المسجد؛ لأنها أصبحت طاهراً، واللبث في المسجد بعد الوضوء.

- ذكر ابن القيم قاعدة مفيدة وهي:
أن الحائض إذا طهرت ولم تغتسل فلها أحكام الجنب؛ أي: يباح لها ما يباح له، ويحرم عليها ما يحرم عليه.

- علامات الطهر من الحيض:
١) النشوف التام؛ أي: أن تحتشي بقطنة فتخرج بيضاء نقية من الدم وتوابعه، فجفافُ المحل علامةُ طهر.

٢) القَصَّة البيضاء، وهو ماء أبيض كالجير يخرج بعد ارتفاع الحيض تعرفه النساء، فهذا علامة طهر بالإجماع. وهذا يكون لبعض النساء لا كلهن.

- الكدرة والصفرة لها حالان:
١) أن تراهما في زمن الحيض فتأخذ أحكام الحيض، وتَغيُّرُ الدم زمن الحيض حيضٌ.

٢) أن تراهما حال طهرها فتأخذ أحكام الطهر؛ لقول أم عطية: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا) [رواه البخاري]، واختار هذا شيخ الإسلام.
والكدرة: ماء ممزوج بحمرة.
والصفرة: ماء يعلوه صفرة.

- يجب على الحائض والنفساء قضاء الصوم دون الصلاة بالإجماع؛ لقول عائشة: (كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) [رواه الشيخان].

- لو دخل وقت الصلاة على المرأة فحاضت قبل أن تصليها، فهل تقضيها إذا طهرت؟
اختار شيخ الإسلام عدم القضاء؛ لأنه لم يُنقل عن النبي ﷺ الأمر بذلك مع كثرة وقوعه من نساء الصحابة.

[الدرس الخامس]

(فصل في المستحاضة)
- ضابط المستحاضة: هي من جاوز دمها خمسة عشر يوما، فالزائد عن خمسة عشر يوما استحاضة؛ لأن أكثر الحيض خمسة عشر يوما، فما زاد عليها فهو استحاضة، هذا هو المذهب.
والأولى أن يقال: المستحاضة هي من ترى دما لا يصلح أن يكون دم حيض ولا نفاس إما لطول مدته، أو لصفته، أو هيئته.

- (الفروق بين دم الحيض والاستحاضة):
١) أن دم الحيض أسود ثخين منتن الرائحة، ودم الاستحاضة أحمر رقيق أخف رائحةً من دم الحيض.
٢) أن دم الحيض دم طبيعة يخرج في أيام معلومة، ودم الاستحاضة دم فساد وعلة وليس له وقت محدد.
٣) أن المستحاضة لها أحكام  الطاهرات إلا في أحكام قليلة، وأما الحائض فلها أحكام تخصها.

- المستحاضة لها ثلاث أحوال:
١) أن تكون معتادة، أي: لها عادة مستمرة منضبطة قبل أن تستحاض: فهذه ترجع إلى عادتها السابقة، فتجلس مقدارها ثم بعد ذلك تتطهر وتحسب ما بقي طهرا، وهذا مذهب الجمهور، ورأي ابن تيمية؛ لقول النبي ﷺ لفاطمة بنت أبي حبيش: لما استُحيضت: (دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي) [رواه البخاري].
٢) ألا يكون لها عادة ثابتة منضبطة ويكون لها تمييز صالح، كأن تكون مبتدئة، أو لها عادة غير منضبطة، أو نسيت عادتها، وتستطيع أن تميز بين دم الحيض وغيره: فهذه ترجع إلى تمييزها؛ لقوله ﷺ لفاطمة بنت أبي حبيش إذ كانت تستحاض: (إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يُعرف، فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي؛ فإنما هو عرق) [صححه ابن حبان].
٣) ألا يكون لها عادة مستمرة ولا تمييز صالح: فهذه تسمى المتحيرة، فهذه ترد إلى عادة أغلب نسائها وهي ستة أيام أو سبعة، فتجلس من أول كل شهر هذه الأيام، ثم تغتسل وتصلي وتكون البقية استحاضة؛ لقوله ﷺ لحمنة بنت جحش لما اشتكت إليه الدم وأنها لم تميز، فقال لها: (إنما هي ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة أو أربعا وعشرين وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء) [صححه البخاري].
- الخلاصة:
أن المستحاضة تُرد إلى عادتها إذا انضبطت، فإن لم توجد فإلى تمييزها، فإن لم يوجد فإلى عادة أغلب نسائها، وهذا مذهب الجمهور، ورأي شيخ الإسلام.

[الدرس السادس]

(بقية أحكام المستحاضة)
- إذا رأت المستحاضة أنها انتهت من حيضها -حسب الأحوال السابقة- فإنها تغتسل من الحيض، وتغسل فرجها، وتعصبه، وإن كان ينزل معها الدم؛ ودليل غسل الفرج قوله ﷺ للمستحاضة: (فاغسلي عنك الدم ثم صلي) [رواه الشيخان]، ودليل عصب الفرج قوله ﷺ في شأن المستحاضة: (فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصل فيه) [صححه النووي]، ومعنى الاستثفار: هو شد الفرج بخرقة عريضة أو قطنة تحتشي فيها المرأة، أو ما يقوم مقامها مما صنع حديثاً لئلا يلوث الدم الثياب.

- الراجح أنه لا يلزم المستحاضة غسل الدم وإعادة العَصب لكل صلاة؛ لأن في ذلك مشقة كبيرة، وإنما يجب عليها الوضوء فقط لكل صلاة؛ لأن النبي ﷺ لما أمرها بالوضوء لكل صلاة لم يذكر غسل الدم وعصب الفرج، وهذا اختيار شيخ الإسلام.

-(الفروق بين المستحاضة والطاهرات):
١) أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة وجوبا، هذا المذهب، ورأي الجمهور، ورجحته اللجنة الدائمة؛ لحديث: (ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت) [رواه البخاري].
ومذهب مالك ورأي ابن عثيمين أن الوضوء لكل صلاة مستحب لا واجب؛ لأن رواية البخاري مُعلة بالإدراج، والأول أحوط.
٢) أن الطاهرة يجوز وطئها، أما المستحاضة فلا على المذهب، والراجح مذهب الجمهور ورأي ابن عثيمين أنه لا فرق، بل يجوز وطء المستحاضة أيضا.
٣) أن المستحاضة يجوز لها الجمع بين الصلاتين إن شق عليها الوضوء لكل صلاة.

- كل من كان حدثه دائماً كمن به سَلَس بول، أو سلس ريح، فله أحكام المستحاضة: يتوضأ لكل صلاة، ثم لا يضره ما خرج منه حتى يدخل وقت العبادة الأخرى.

[الدرس السابع]

(فصل: أحكام النفساء)

- تعريف النفاس: هو الدم الذي يخرج من المرأة حال الولادة أو قبلها بزمن يسير.

- النفساء لها أحكام الحائض في الجملة، وحكاه ابن جرير إجماعا.

- النفاس لا حد لأقله، عند الجمهور، ورأي شيخ الإسلام.
فمتى انقطع الدم عن النفساء طهرت، ولو كان بعد الولادة بأيام قليلة؛ لأنه لم يُنقل عن الشارع تحديده، والعبرة بالدم فمتى انقطع طهرت.

-(كم أكثر النفاس)؟
أربعون يوما، وما زاد على الأربعين فهو دم استحاضة، هذا المذهب، ورأي ابن باز؛ والدليل: أنه لم ينقل عن الصحابة خلاف ذلك؛ كما قالت أم سلمة: (كانت النفساء على عهد رسول الله ﷺ تقعد بعد نفاسها أربعين يوما أو أربعين ليلة) [حسنه الألباني].

-(متى يثبت حكم النفاس)؟
إذا وضعت ما يتبين فيه خلق إنسان، مثل: يد، أو رجل، أو رأس: فهنا يعد الدم الخارج نفاسا.
فإن خرج الجنين ولم يتخلق: فلا يعد الدم الخارج دم نفاس، بل دم فساد، فتأخذ أحكام المستحاضات.
فإن جهلت حاله ولم تعلم أتخلق أم لا؟:
فعليها أن تتحرى أمره حسب مدة الحمل، وهذا الضابط هو مذهب الجمهور، واختيار ابن رجب.

-(متى يتخلق الجنين، ومتى لا يتخلق)؟
من (١-٨٠) يوما:
هذه لا يتخلق فيها الجنين؛ لأنه في الأربعين الأولى نطفة، وفي الثانية علقة (أي: قطعة دم)، ولا يمكن أن يتخلق هذه المدة؛ لآية: {فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة}، فالتخليق للمضغة، وهي المرحلة الثالثة.

ومن (٨١-١٢٠) يوما: 
في هذه المدة يكون مضغة (قطعة من لحم) ويبدأ فيه الخلق والتخطيط؛ للآية السابقة.

ومن (١٢٠) يوما وما بعدها:
يكون تخلق -قطعا-؛ لأنه يرسل إليه الملك في هذه المدة، ولا يرسل إلا بعد الاكتمال.

وبناء على ما تقدم:
إذا سقط الجنين قبل تمام (٨٠) يوما: فهو لم يتخلق، جزما.
وما بعد (١٢٠) يوما: يكون تخلق جزما.
وما بين (٨٠-١٢٠) يوما تتأكد منه المرأة، فإن رأت السقط فيه تخلق فتُعد نفساء، ولو كان أقل من المدة المعروفة؛ لأنها قد تخطئ في الحساب.

- إذا طهرت النفساء قبل الأربعين ورأت النقاء والنشوف التام فهي طاهر تصلي وتصوم، فإن عاد إليها الدم بعد ذلك فهو دم نفاس لا فساد؛ لأن الوقت ما زال محتملا لنزوله.
- إذا طهرت المرأة قبل الأربعين فيكره جماعها على المذهب، ورجح ابن باز وابن عثيمين الجواز بلا كراهة؛ لأن النفاس انتهى بانقطاع الدم، وهو الراجح.

- إذا وضعت المرأة ولدين فأكثر:
فأول مدة النفاس من الأول؛ لأن الدم يخرج عادة بعد الولادة.

- لو تأخر خروج الجنين الثاني أربعين يوما فالدم الخارج معه دم فساد على المذهب، وخالف ابن قدامة فجعله نفاسا آخر.

- حكم جماع النفساء مثل حكم جماع الحائض.

-(هل يجوز للرجل شرب دواء مباح يمنع الجماع)؟
هذا له أحوال:
١) إن كان يقطع الشهوة بالكلية: فهو حرام؛ لأن النكاح من سنن المرسلين.
٢) أن يخفف حدة الشهوة مؤقتا: فلا بأس به، بشرط عدم الضرر له، أو لزوجته.
ويجوز شرب ما يهيج الشهوة بشرط عدم الضرر.

- يجوز للأنثى استعمال دواء لإنزال الحيض أو رفعه، إن لم يكن فيه ضرر.

- المصدر: (زاد الراغب شرح دليل الطالب) للشيخ أحمد الصقعوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

"الدعاء عطاء".❤️