الثلاثاء، 17 فبراير 2015

الجزء الثاني من حياة أمُّ سلمة:" 💘

كيف يمكن أن تهدأ لي لوعة أو ترقأ لعيني عبرة وأنا في دار الهجرة وولدي الصغير في مكة لا أعرف عنه شيئاً؟!
ورأى بعض الناس ما أعالج من أحزاني وإشجاني فرقت قلوبهم لحالي، وكلموا بني عبد الأسد في شأني واستعطفوهم علي فردوا لي ولدي سلمة..

لم أشأ أن أتريث في مكة حتى أجد من أسافر معه؛ فقد كنت أخشى أن يحدث ماليس بالحسبان فيعوقني عن اللحاق بزوجي عائق..

لذلك بادرت فاعددت بعيري، ووضعت ولدي في حجري، وخرجت متوجهة نحو المدينة أريد زوجي، وما معي أحد من خلق الله..

وما إن بلغت (التنعيم) حتى لقيت عثمان بن طلحة فقال:
إلى أين يا بنت زاد الراكب؟!
فقلت: اريد زوجي في المدينة
قال: أو معك احد؟
قلت : لا والله إلا الله ثم بني هذا.
قال : والله لا أترككِ أبداً حتى تبلغي المدينة.
ثم أخذ بخطام بعيري وانطلق يهوي بي..
فوالله ما صحبت رجلاً من العرب قط أكرم منه ولا أشرف: كان إذا بلغ منزلاً من المنازل ينيخ بعيري، ثم يستأخر عني، حتى إذا نزلت عن ظهره واستويت على الأرض دنا إليه وحط عنه رحله، واقتاده إلى شجرةٍ وقيده فيها.
ثم يتنحى عني إلى شجرة أخرى فيضطجع في ظلها.
فإذا حان الرواح قام إلى بعيري فأعده، وقدمه إلي، ثم يستأخر عني ويقول : اركبي ، فإذا ركبت، واستويت على البعير، أتى فأخذ بخطامه وقاده.

وما زال يصنع بي مثل ذلك كل يوم حتى بلغنا المدينة، فلما نظر إلى قرية بقُباء لبني عمرو بن عوف قال: زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعاً إلى مكة.

اجتمع الشمل الشتيت بعد طول افتـراق، وقرت عين أم سلمة بزوجها، وسعد أبو سلمة بصاحبته وولده. ثم طفقت الأحداث تمضي سراعاً كلمح البصر.

فهذه بدر يشهدها أبو سلمة ويعود منها مع المسلمين، وقد انتصر انتصارًا مؤزرا.

وهذه أحد يخضوض غمارها بعد بدر، ويبلي فيها أحسن البلاء وأكرمه، لكنه يخرج منها وقد جرح جرحا بليغا، فما زال يعالجه حتى بدا له أنه قد اندمل، لكن الجرح كان قد رم على فساد فما لبث أن انتكأ وألزم أبا سلمة الفراش.

وفيما كان أبو سلمة يعالج من جرحه قال لزوجه: يا أم سلمة، سمعت رسول الله ﷺ يقول: لا يصيب أحداً مصيبة، فيسترجع عند ذلك ويقول:
اللهم عندك احتسبت مصيبتي هذه.
اللهم أخلفني خيراً منها إلا أعطاه الله عزَّ وجل..


انتظروا الجزء الثالث والأخير من قصة وحياة أم سلمة:" لاتفوتوه💘

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

"الدعاء عطاء".❤️